هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في المشترك]

صفحة 412 - الجزء 1

  وأيضاً من جملتها الأعداد، وهي معانٍ غير متناهية⁣(⁣١)، والألفاظ متناهية؛ لتركبها من الحروف المتناهية⁣(⁣٢) بضم بعضها⁣(⁣٣) إلى بعض مرات متناهية⁣(⁣٤)، فإذا وزعت المتناهي على غير المتناهي كان الموضوع له متناهياً، فيجب الاشتراك، وإلا بقي أكثر المعاني بغير لفظ، وهو مخل بغرض الواضع الذي هو تفهيم المعاني.

  والجواب: أنا لا نسلم أن المعاني غير متناهية؛ لأن حصول ما لا نهاية له في الوجود محال، ولا حاجة بنا إلى الوضع لغيره. وأما الأعداد فالداخل منها في الوجود متناهٍ⁣(⁣٥).


(قوله): «كان الموضوع له متناهياً» لمساواته المتناهي الذي هو الألفاظ.

(قوله): «وإلا بقي أكثر المعاني» هذه كعبارة ابن الحاجب، وقد أشار في شرح المختصر إلى الاعتراض عليها؛ لأن الحكم بأكثرية المعاني التي لا تتناهى لا يصح؛ لأن معناها [معناه (ح سعد الدين)] ما فوق النصف، ولا نصف لغير المتناهي⁣[⁣١]؛ ولهذا عدل الشيخ العلامة في شرح الفصول إلى قوله: وإلا لزم خلو بعض المعاني عن لفظ يدل عليه.

(قوله): «والجواب: لا نسلم أن المعاني غير متناهية» بل نقول: هي متناهية.

(قوله): «لأن حصول ما لا نهاية له في الوجود محال» أي: لأن وجود ما لا يتناهى محال ثم المراد بالمعاني هي التي ذكرها المخالف في استدلاله، وقد عرفت أن منها المعاني الممتنعة وهي غير متناهية قطعاً، فمنع عدم تناهيها غير متوجه؛ إذ يكون مصادرة، وإسناد المنع بقوله: لأن حصول ما لا نهاية له ... إلخ غير منتهض على ذلك؛ إذ هو إنما يجري في الموجودات. ولم يذكر في شرح المختصر في الاستدلال للمخالف المعدومات، بل قال: لأن المسميات غير متناهية، ثم أجاب بعدم تسليم أن المعاني المختلفة والمتضادة غير متناهية، وأما المتماثلة فأجاب بأنه لا يجب الوضع لها بخصوصها، بل الوضع للحقيقة المشتركة بينها لا لأفرادها.

(قوله): «ولا حاجة بنا إلى الوضع لغيره» أي: لغير الحاصل في الوجود؛ إذ هو الذي نعقله ونعبر عنه.


(١) إذ ما من عدد إلا وفوقه عدد. (أسنوي).

(٢) وهي الثمانية والعشرون، والمركب من المتناهي متناهٍ.

(٣) قوله: «بضم بعضها» متعلق بقوله: لتركبها.

(٤) إذ الألفاظ الموضوعة لا ترتقي عن السباعي مع أن بعض تراكيبها مهمل. (فصول البدائع).

(٥) وأيضاً فأصولها متناهية، وهي الآحاد والعشرات والمئون والألوف، والوضع للمفردات لا للمركبات. (أسنوي).


[١] يمكن أن يقال: إن أفعل التفضيل هاهنا مجرد عن الزيادة، فالأكثرية بمعنى الكثرة، وقد جوز نجم الدين وجوده بدونها كما في قول الشاعر: ملوك عظام من ملوك أعاظم. وغيره كثير، والله سبحانه أعلم. (ح).