هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في المشترك]

صفحة 413 - الجزء 1

  ولا نسلم أيضاً أن الألفاظ متناهية؛ لإمكان تركب كل حرف مع آخر مع الاختلاف في الهيئات إلى ما لا نهاية له، وأسند بأسماء العدد⁣(⁣١) لعدم تناهيها مع تركبها من اثني عشر اسماً، وإلى ما ذكرنا أشار بقوله: (وتناهي الألفاظ لا المعاني ممنوع) بل إما يتناهيا معاً وهو الجواب الأول، أو لا يتناهيا معاً وهو الجواب الثاني.

  (وإن سلم) أن الألفاظ متناهية والمعاني غير متناهية (فالمقصود بالوضع


(قوله): «ولا نسلم أيضاً أن الألفاظ متناهية» هذا المنع مترتب على شيء لم يذكره المؤلف #، وهو تسليم عدم تناهي المعاني لا على تناهيها المستفاد من قوله: والجواب: لا نسلم أن المعاني غير متناهية، وذلك ظاهر، فلو قال: ولو سلمنا أن المعاني غير متناهية فلا نسلم أن الألفاظ متناهية فلا يلزم وجود الاشتراك. وقولك: المركب من المتناهي متناهٍ. قلنا: لا نسلم ذلك؛ لإمكان تركب كل حرف ... إلخ لظهر المعنى واستقام قوله فيما يأتي: وتناهي الألفاظ لا المعاني ممنوع، فإن قول المؤلف #: أو لا يتناهيا معاً - وهو الجواب الثاني - إشارة إلى ما لم يسبق ذكره كما عرفت؛ لأن المؤلف # إنما ذكر تناهيهما، وابن الحاجب وشراح كلامه لم يتعرضوا لهذا الترديد، بل ذكروا بعد تسليم عدم تناهيها أن الألفاظ غير متناهية.

قال في شرح المختصر: سلمنا الاحتياج إلى الوضع لجميع المعاني الغير المتناهية لكن لا نسلم الخلو. قولك: الألفاظ مركبة من الحروف المتناهية. قلنا: نعم، ولكن لا نسلم أن المركب من المتناهي متناه فتأمل، والله أعلم.

(قوله): «تركب كل حرف مع آخر مع الاختلاف في الهيئات» أي: هيئات الصور الحالة في تلك الحروف بضم بعضها إلى بعض على وجوه مختلفة من الحركات والسكنات. ولو قال: لإمكان تركب كل حرف مع آخر وضم الألفاظ المفردة بعضها إلى بعض بالإضافة أو بالعطف أو غيرهما وأسند بأسماء العدد ... إلخ لكان أشمل.

(قوله): «وأسند بأسماء العدد» هذا سند لمنع أن المركب من المتناهي متناهٍ كما عرفت.

(قوله): «لعدم تناهيها» فإنه يعبر عن كل مرتبة من مراتبها التي لا تتناهى بعبارة تختص بها إما بإضافة بعضها إلى بعض أو التركيب أو التثنية⁣[⁣١] أو الجمع أو شبه الجمع؛ إذ تفهيم المعاني يحصل بالمركبات أيضاً.


(١) فإن أصولها اثنتا عشرة كلمة واحد إلى عشرة ومائة وألف، وتراكيبها لا تتناهى إما بتركيب نحو أحد عشر، أو شبه جمع نحو عشرين، أو تثنية نحو مائتين وألفين، أو بعطف بنائين مفردين نحو ألف ومائة، أو مفرد وشبه جمع نحو أحد وعشرين أو ثلاث نحو ألف ومائة وواحد، أو رباع نحو ألف ومائة وأحد وعشرين، وهلم جرا. (من شرح الجلال على المختصر).


[١] في المطبوع: التشبيه. ولعل الصواب ما أثبتناه.