فصل: [في المشترك]
  متناهٍ) فلا يجب الاشتراك أو الإخلال، وذلك لأن الوضع للمعاني فرع عن تصورها والقصد إليها، وتصور ما لا يتناهى محال، ولا يكون إلا لفائدة تخاطب الناس بها، وهو موقوف على تصورهم أيضاً، فلا يرد نفي الاستحالة إذا قيل بأن الواضع هو الله تعالى(١).
  وإلى القول الخامس والسادس بقوله(٢): (ولا ممتنع مطلقاً) سواء كان اللفظ المشترك موضوعاً لأمرين متناقضين - ومثل بالنقيض إذا فرض وضعه
(قوله): «ولا يكون» أي: الوضع، الظاهر أنه معطوف على قوله: فرع عن تصورها، فيكون التقدير لأن الوضع للمعاني لا يكون إلا لفائدة تخاطب الناس بها، أي: بالموضوعات، وهو - أي: تخاطب الناس بها - موقوف على تصورهم للمعاني، وذلك المتصور متناه.
(قوله): «فلا يرد نفي الاستحالة إذا قيل ... إلخ» يعني لا يرد ما يقال: إن استحالة الوضع لغير المتناهي منتفية إذا قيل بأن الواضع هو الله؛ لأن التصور في حقه الذي هو علة الاستحالة منتف؛ إذ علم الله ليس بتصور[١].
ووجه عدم وروده بأن يقال: إنا وإن سلمنا انتفاء الاستحالة لكن تنتفي فائدة الوضع، وهي التخاطب؛ لتوقف تخاطب الناس بها على تصور المتخاطبين، وتصور غير المتناهي محال، والله سبحانه حكيم لا يضع إلا ما تحصل به فائدة التخاطب.
(قوله): «إذا قيل» قيد لقوله: فلا يرد.
(قوله): «ومثل بالنقيض» أي: لفظ النقيض، وإنما قال: إذا فرض وضعه ... إلخ لأن النقيضين هما المختلفان بالإيجاب والسلب، ولا يتحقق وضع اللفظ لهما بالتحقيق، وإنما فرضه كثير من شارحي المختصر لتوجيه كلام ابن الحاجب في بحث مرجحات المجاز على الاشتراك حيث قال: ويؤدي أي المشترك إلى مستبعد من ضد أو نقيض في لفظ النقيض[٢] إذا جعل لكل من الإيجاب والسلب لا للقدر المشترك، وأما القرء فإنما هو من الموضوع للضدين.
(١) لأنا نقول: لا يضع إلا ما تحصل به فائدة التخاطب لا ما لا يتناهى.
(٢) في المطبوع: أشار بقوله.
[١] الأولى أن يقال في تقرير المراد: لا يقال: إن تصور ما لا يتناهى محال ممنوع، بل هذه الاستحالة منتفية؛ لأن الواضع إذا كان هو الله لا يستحيل أن يعلم ما لا نهاية له، بل معلوماته غير متناهية اتفاقاً. وتقرير الجواب: أن الغرض من الوضع هو الوضع لما يتصوره الناس لا لما يعلمه الله.
[٢] أي: في إطلاق لفظ النقيض. (ح عن خط شيخه).