فصل: [في المشترك]
  لكل من المتناقضين بوضع - أو كان موضوعاً لغيرهما كالقرء(١)، (ولا) ممتنع (بين النقيضين(٢)) فقط.
  احتج المانعون مطلقاً بأن المقصود من الوضع تفهيم المعاني، ووضع الألفاظ المشتركة مخل بالمقصود؛ لخفاء القرائن.
  قالوا: وما يظن به الاشتراك فإما حقيقة ومجاز بأن يكون موضوعاً لأحدهما واستعمل في الآخر واشتهر فاشتبه الحقيقي بالمجازي فظن أنه مشترك بينهما، وإما متواطئ لكونه موضوعاً للقدر المشترك بينهما فاستعمل فيهما باعتباره فظن ذلك.
  والجواب: لا نسلم أن الفهم التفصيلي لا يحصل مع الاشتراك؛ لحصول المقصود بالقرائن مفصلاً، كما تراه في الألفاظ المشتركة المستعملة مع القرائن الحالية أو المقالية التي فهم منها المقصود تفصيلاً.
  سلمنا فلا نسلم انحصار المقصود في الفهم التفصيلي، بل قد يقصد الإجمالي؛ بدليل أسماء الأجناس فإنها لا تدل على تفاصيل ما تحتها ولا يقصد بها ذلك، بل يفهم منها أمر مجمل سواء قيل: إنها موضوعة للحقائق بقيد الوحدة(٣)، أو لها من حيث هي لكنها تطلق على فرد منها باعتبار اشتمالها(٤) عليها.
(قوله): «فإما حقيقة ومجاز» كالعين حقيقة في الباصرة مجاز في غيرها كالذهب لصفائه والشمس لضيائها.
(قوله): «موضوعاً للقدر المشترك» كالقرء موضوع للقدر المشترك بين الطهر والحيض، وهو الجمع من قرأت الماء في الحوض، أي: جمعته والدم يجتمع في زمن الحيض في الرحم وفي زمن الطهر في الجسد.
(قوله): «باعتبار اشتمالها» في حاشية الشريف: اشتماله عليها، وهي أوضح، وعبارة المؤلف مبنية[١] على عود ضمير اشتمالها إلى الأجناس وضمير عليها للحقائق فيستقيم أيضاً.
(١) فإنه موضوع للضدين، وفي الفصول: للنقيضين، وفيه نظر، والصواب ما هنا.
(٢) القائل به الرازي.
(٣) يعني أنه - أي: اسم الجنس - موضوع للماهية مع وحدة لا بعينها.
(٤) قوله: «باعتبار اشتمالها» أي: أسماء الأجناس، وقوله: «عليها» يعني الحقائق.
[١] ووجهه أنه يلزم اتحاد المشتمل والمشتمل عليه، فالأولى عود ضمير اشتمالها إلى الأفراد المدلول عليها بلفظ فرد في كلام المؤلف. (ح عن خط شيخه).