فصل: [في المشترك]
  وإلى الشبهة وجوابها أشار بقوله: (والإخلال بالفهم ممنوع كأسماء الأجناس. و) احتج المانعون لوقوع المشترك بين النقيضين بأنه لو جاز وضع لفظ لهما للزم (العبث) إذ لم يفد سماعه غير التردد بينهما، وهو حاصل(١) (لعدم الخلو عن أحدهما(٢)).
  وأجيب: بأنه (مدفوع) لحصول الفائدة (بانحصار التردد(٣) بين أمرين، وإن سلم) لزوم العبث (لم ينفه(٤) من واضعين) يضعه أحدهما لأحدهما
(قوله): «وإلى الشبهة وجوابها» كأنه أراد ما هو المعتمد في الجواب، وهو قوله: سلمنا فلا نسلم ... إلخ؛ إذ صدر الجواب لم تشر إليه عبارته # في المتن.
(قوله): «غير التردد بينهما» أي: بين النقيضين «وهو حاصل» عقلاً، مثلاً إذا قيل: ثبت النقيض لزيد مع فرض وضعه لنفي الشيء وثبوته لم يفد عند سماعه إلا أن زيداً ثابت له النفي أو الإثبات، ولا فائدة في الوضع لإفادة ذلك؛ إذ يعلم عقلاً عدم خلوة عن أحدهما. قال في المحصول: لا يجوز أن يكون اللفظ مشتركاً بين نفي الشيء وثبوته؛ لأن اللفظ لا بد أن يكون بحال متى أطلق أفاد شيئاً وإلا كان عبثاً، والمشترك بين النفي والإثبات لا يفيد إلا التردد بين النفي والإثبات، وهو معلوم لكل أحد.
(قوله): «بانحصار التردد بين أمرين» هكذا عبارة الشيخ العلامة | إلا أنه قال: بين أمرين يغفل الذهن عنهما، وهي أوضح في المراد؛ لأن المقصود أن الذهن يغفل عن أمرين من المتناقضات فإذا أطلق اللفظ الدال عليهما استحضرهما وانحصر تردده فيهما. وأما قبل إطلاق اللفظ فلعله كان تردداً في غيرهما من المتناقضات الحاضرة في ذهنه غافلاً عن هذين الأمرين، فإن ارتفاع المتناقضين عن الذهن جائز، وإنما الممتنع ارتفاعهما عن الواقع.
(قوله): «لم ينفه من واضعين» فيه ما تقدم من القول بأنه مبني على مذهب من جزم بأن اللغات اصطلاحية، والمؤلف # غير جازم، كذا نقل، وقد يجاب عن هذا وعما تقدم بأن هذا الجواب منع، والمنع قد يكون بغير مذهب المانع.
(١) في العقل. (محلي).
(٢) وذلك لأن الواقع لا يخلو عن أحدهما، فلا يستفيد السامع بإطلاقه شيئاً، واعترض بأنه بدون الوضع يحتاج إلى دليل مستقل، ومعه لا يحتاج إلا إلى قرينة تعين المراد.
(٣) صواب العبارة: باستحضار التردد، كذا صرح به في شرحي الجمع للمحلي وأبي زرعة، فإنه قال ما لفظه: وأجيب بأن فائدته استحضار التردد بين أمرين يغفل الذهن عنهما، والفائدة الإجمالية قد تقصد. والمحلي قال مثله، فإنه قال: وأجيب بأنه قد يغفل الذهن عنهما فيستحضرهما بسماعه ثم يبحث عن المراد منهما.
(٤) الضمير المنصوب للوقوع، وقد تقدم، أي: لم ينف دليلهم - أعني لزوم العبث - وقوع المشترك من واضعين.