[إطلاق المشترك على معانيه]
  من حيث هو مجموع(١)، بأن يقال: رأيت العين ويراد الباصرة والجارية
(قوله): «لا بالمجموع من حيث هو مجموع» بحيث لا يفيد أن كلاً منهما مناط الحكم ومتعلق النفي والإثبات فإنه ليس من محل النزاع؛ إذ لا نزاع في امتناع ذلك حقيقة وفي جوازه مجازاً إن وجدت علاقة مصححة، هكذا ذكره السعد، ولو ذكره المؤلف # لكان أولى، ولعله تركه لاستدعائه إلى مزيد بسط؛ فإن السعد ذكر بعد قوله: إن وجدت علاقة مصححة ما لفظه: فإن قيل: علاقة الجزء والكل متحققة قطعاً.
ثم أجاب: بأن ليس كل معتبر جزءاً[١] من مجموع يصح إطلاق اسمه عليه؛ للقطع بامتناع إطلاق الأرض على مجموع السماء والأرض بناء على أنها جزؤه، واعترضه صاحب الجواهر بما حاصله أن وجه امتناع إطلاق الأرض على مجموع السماء والأرض أنه لم يعتبر في العرف مجموع مركب من السماء والأرض حتى يكون الأرض جزءاً له بحسب الاعتبار؛ إذ لو اعتبر ذلك المجموع صح الإطلاق عند من اعتبره قطعاً.
واعلم أن للمشترك أحوالاً أربعة اقتصر المؤلف # على قسمين منها هما الكل المجموعي والكل الإفرادي لظهور الاشتباه بينهما.
وأما القسمان الآخران أعني إطلاقه على كل واحد من المعنيين على سبيل البدل وإطلاقه على أحد المعنيين لا على التعيين فاشتباه محل النزاع بهما غير ظاهر؛ فلذا لم يذكرهما.
وأما السعد وتبعه الشيخ العلامة فذكر الأحوال الأربعة للمشترك، الأول منها والثاني ما ذكره المؤلف #، والثالث إطلاقه على كل من المعنيين على سبيل البدل، بأن يطلق تارة ويراد هذا ويطلق تارة أخرى ويراد ذاك، ولا نزاع في صحته وفي كونه حقيقة.
الرابع إطلاقه على أحد المعنيين لا على التعيين، بأن يراد به في إطلاق واحد هذا أو ذاك، مثل تربصي قرأً أي طهراً أو حيضاً وليكن ثوبك جوناً أي أسود أو أبيض. قالا: وليس في كلام القوم ما يشعر بإثبات ذلك أو نفيه إلا ما يشير إليه كلام المفتاح من أن ذلك حقيقة المشترك عند التجرد عن القرائن.
واعترضه صاحب الجواهر بأن شارح المختصر قد أشعر كلامه بأن إطلاق المشترك على أحد المعنيين أي: على الأحد الدائر مجاز حيث قال في بحث علامات المجاز: إنما يصح ذلك لو تبادر أحدهما لا بعينه على أنه المراد واللفظ موضوع له مستعمل فيه، فلا يصح القول بأنه ليس في كلام القوم ما يشعر بإثبات ذلك أو نفيه سوى كلام المفتاح.
فإن قلت: إن ممن أثبت هذا القسم ابن الحاجب ومن معه وهم القائلون بأن إطلاق المشترك على كل واحد من المعنيين مجاز لا حقيقة حيث قالوا: إنه يسبق إلى الفهم من المشترك إذا أطلق أحدهما على البدل، والسبق علامة الحقيقة كما سنذكره إن شاء الله تعالى في تقرير شبههم، فكيف يصح القول بأنه ليس في كلام القوم ما يشعر بإثبات ذلك أو نفيه إلا كلام المفتاح؟ وكيف لم يعترض لذلك صاحب الجواهر على كلام السعد أيضاً كما اعترض عليه بكلام الشارح المحقق بأنه مجاز؟ =
(١) وضبط المذاهب أنه لا يصح مطلقاً، أو يصح عقلاً لا لغة، أو يصح لغة في النفي فقط؛ وذلك لأنه يشبه وقوع النكرة في حيز النفي، أو في الإثبات أيضاً لكن في صورة صحة الجمع خاصة، أو مطلقاً من غير ظهور في المعنيين جميعاً أو مع الظهور فيهما. (ميرزاجان).
[١] في نسخة: ليس كلما يعتبر جزأً. (ح).