هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في المشترك]

صفحة 426 - الجزء 1

  وأما مجازاً فبأن استعماله في المعاني على أن يكون كل منها⁣(⁣١) مراداً باللفظ ومناطاً للحكم بطريق المجاز لا يتصور إلا بأن يكون بين المعنيين مثلاً علاقة، فيراد أحدهما⁣(⁣٢) على أنه نفس الموضوع، والآخر على أنه مناسب للموضوع له لعلاقة، وهذا جمع بين الحقيقة والمجاز؛ إذ لو أريد كل واحد على أنه نفس الموضوع له لكان حقيقة لا مجازاً، والتقدير بخلافه.

  ولو أريد كل واحد على أنه مناسب للموضوع له لكان مجازاً لا حقيقة، وذلك إما أن يكون باستعمال اللفظ في معنى مجازي ويتناولهما لأنهما من أفراده وقد عرفت أنه ليس من محل النزاع⁣(⁣٣)، وإما باستعماله في كل واحد منهما على أنه


(قوله): «وأما مجازاً» عطف على قوله سابقاً: أما حقيقة.

(قوله): «على أن يكون كل منهما مراداً باللفظ ومناطاً للحكم» لما عرفت من أن محل النزاع إرادة كل واحد منهما، وهو الكل الإفرادي. وقد زاد في التلويح بعد قوله: مراداً باللفظ ... إلخ لا داخلاً تحت مراد ثالث هو المراد والمناط، وقد حذفه المؤلف #، ولا بد من ذكره ليبتني عليه قول المؤلف فيما يأتي: وقد عرفت أنه ليس من محل النزاع.

(قوله): «لا يتصور إلا بأن يكون بين المعنيين مثلاً علاقة» لتوقف كون اللفظ مجازاً عليها، وحينئذ فيلزم من هذا الحصر ما رتبه المؤلف # من قوله: فيراد أحدهما ... إلخ، لكن هذا اللازم باطل لما ذكره المؤلف من أنه جمع بين الحقيقة والمجاز فيخرج عما نحن فيه من استعمال المشترك في معنييه الحقيقيين.

(قوله): «إذ لو أريد» علة للزوم المذكور، والمعنى لو كان كل منهما نفس الموضوع له لكان حقيقة، وهو باطل؛ لأن التقدير بخلافه، وهو كون اللفظ مجازاً.

(قوله): «ولو أريد» علة أيضاً للزوم المذكور، والمعنى ولو أريد كل منهما على أنه مناسب للموضوع له لكان مجازاً، يعني فيكون مما نحن فيه، لكنه باطل لوجه آخر، وهو أنه لا يخلو إما أن يكون المشترك مجازاً لاستعماله في معنى مجازي يتناول كلاً من المعنيين لكونهما من أفراده كما إذا أريد بالصلاة الاعتناء بإظهار الشرف لكنه غير صحيح؛ لأنه يخرج عن محل النزاع كما ذكره المؤلف؛ لأن الكلام في إرادة كل واحد من المعنيين على أن كل واحد منهما مناط للحكم، وهاهنا المراد معنى واحد مجازي شامل لهما =


(١) في (أ، ب): منهما.

(٢) كالطهر مثلاً والعين الباصرة، وقوله: والآخر ... إلخ كالحيض مثلاً وعين الماء والذهب والشمس.

(٣) إذ محله صحة إرادة كل من معانيه الحقيقية بلا واسطة. اهـ وفي حاشية: لأن محله كونه قد وضع لكل منهما.