هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [في المشترك]

صفحة 427 - الجزء 1

  معنى مجازي بالاستعمال، واستعمال اللفظ في معنيين مجازيين باطل بالاتفاق⁣(⁣١).


= وإما أن يكون مجازاً باستعماله في كل واحد منهما على أنه - أي: كل واحد منهما - معنى مجازي بالاستعمال، أي: بسبب الاستعمال في المعنيين معاً، وهذا باطل أيضاً؛ لأن استعمال اللفظ في معنيين مجازيين باطل بالاتفاق، وهذا ما يمكن في تقرير المقام.

وهاهنا أبحاث: الأول: أن المؤلف # إنما لم يدفع الاحتجاج لكونه موافقاً لما اختاره من كون استعمال المشترك في معنييه حقيقة.

الثاني: أن قوله: باطل بالاتفاق اعترض عليه بأن صاحب الجمع وغيره صرحوا بالخلاف فيه، ومثاله استعمال البحر في العالم والجواد.

وأجيب بأن المؤلف اعتمد ما ذكره في حاشية الشلبي، فإنه ذكر الاتفاق على منع ذلك في بحث التغليب من المطول في قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ ...}⁣[الشورى: ١١].

قال الشلبي ما لفظه: قيل عليه: يلزم اجتماع مجازين في كلمة واحدة، وهو ممتنع اتفاقاً. انتهى

وقد يقال: لعل المؤلف أراد باللفظ لفظ المشترك⁣[⁣١] فيتم البطلان اتفاقاً، أما عند القائل بأنه حقيقة فظاهر، وأما غيره فلأن المعنيين عنده حقيقتان.

الثالث: أن قوله: ولو أريد كل منهما على أنه مناسب للموضوع له لا تحقق له؛ لأن كل واحد من المعنيين هو الموضوع له، ومقتضى مناسبة كل منهما للموضوع له أن يكون غيرهما فما ذلك الغير؟

الرابع: أن المؤلف هنا جعل استعمال اللفظ في معنى مجازي متناول للمعنيين خارجاً عن محل النزاع، وفيما يأتي في بحث إطلاق اللفظ على المعنى الحقيقي والمجازي جعل دخول المعنيين تحت معنى ثالث شامل لهما غير مناف لمحل النزاع بل داخلاً فيه.

والجواب: أن المراد بالدخول تحت المراد فيما يأتي هو تناول الكل الإفرادي⁣[⁣٢] للمعنيين، وذلك لا يخرجهما عن محل النزاع، والمراد بالتناول هاهنا هو تناول الكلي للجزئيات كما عرفت من تناول إظهار الشرف للمعنيين، وهذا التناول هو الذي يلزم منه خروجهما عن محل النزاع، وستقف على زيادة توضيح هنالك إن شاء الله تعالى فتأمل.


(١) في المغني في بحث قوله تعالى: {فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ٨٨}⁣[البقرة]، في أثناء فصل عقده للتدريب في (ما) ما لفظه: الثاني أنهم لا يجمعون بين مجازين، ولهذا لم يجيزوا: دخلت الأمر لئلا يجمعوا بين حذف في وتعليق الدخول باسم المعنى، بخلاف: دخل في الأمر، ودخلت الدار.

(*) في دعوى الاتفاق نظر، فقد صرح في حواشي شرح الفصول والجمع بالخلاف، وكذا في نهاية الأسنوي نقلاً عن الغزالي. اهـ ولفظ الجمع وشرحه: وكذا المجازان هل يصح أن يرادا معاً باللفظ الواحد كقولك: والله لا أشتري وتريد السوم والشراء بالتوكيل؟ فيه الخلاف في المشترك، وعلى الصحة الراجحة يحمل عليهما إن قامت قرينة على إرادتهما أو تساويا في الاستعمال ولا قرينة تبين أحدهما.


[١] على أن اللام في اللفظ للعهد. (ح ن).

[٢] يقال: لا يتصور للكل الإفرادي معنى شامل للمعنيين، فليتأمل فيما ذكره المحشي. (عن خط شيخه). وقد شكل على قوله: يقال ... إلخ.