هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

صفحة 451 - الجزء 1

  وزاد أحمد ومسلم: «ولا يغل أحدكم حين يغل وهو مؤمن، فإياكم إياكم».

  وما رواه أحمد وابن حبان⁣(⁣١) في صحيحه عن أنس عنه ÷ أنه قال: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له».

  فهذه تدل على أن فعل الطاعات واجتناب المقبحات من أركان الإيمان دلالة صريحة. وللقوم تأويلات للآيات والأخبار تخالف ظواهرها المتبادرة من إطلاقها وجواب عام، وهو: أنه⁣(⁣٢) في الأعمال مجاز والمجاز أولى من النقل. وما ذكروه لازم لهم؛ لأنهم يقولون: إن الإيمان في اللغة التصديق مطلقاً، وفي الشرع: تصديق خاص، وهذا منهم إقرار بأنه لم يبق على ما كان عليه في اللغة من الإطلاق.


(قوله): «حين يغل» أي: يكتم شيئاً من المغنم، قال في المصباح: غل غلولاً من باب قعد، وأغل بالألف خان في المغنم وغيره، وقال ابن السكيت: لم يسمع في المغنم إلا غل ثلاثياً، وهو متعد في الأصل لكن لم ينطق بمفعوله⁣[⁣١].

(قوله): «وللقوم تأويلات ... إلخ» من ذلك تأويل «ليضيع إيمانكم» بأن المراد التصديق بوجوب الصلاة التي توجهتم فيها إلى بيت المقدس وما يترتب على التصديق وهو الصلوات، أو يكون مجازاً وهو أولى من النقل. ومن ذلك تأويل قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ ...} الآية [التحريم: ٨]، بأنه مختص بالصحابة كما يدل عليه لفظة معه، ومن ذلك تأويل حديث: «الإيمان بضع وسبعون ..)) الخبر بأن المراد شعب الإيمان بتقدير مضاف، لا نفس الإيمان؛ لأن إماطة الأذى ليس داخلاً في أصل الإيمان حتى يكون فاقده غير مؤمن بالإجماع، فلا بد من تقدير المضاف، ومن ذلك تأويل «لا يزني الزاني» الخبر بأنه مبالغة على معنى أنها ليست من شأن المؤمن⁣[⁣٢]، فكأنها تنافي الإيمان ولا تجامعه.

(قوله): «تصديق خاص» وهو التصديق للرسول ÷ فيما علم مجيئه به تفصيلاً فيما علم تفصيلاً، وإجمالاً فيما علم إجمالاً.


(١) وأخرجه السيد أبو طالب والمرشد بالله #.

(٢) أي: الإيمان.


[١] لفظ المصباح: وهو متعد في الأصل لكن أميت مفعوله فلم ينطق به.

[٢] أي: الزنا المؤول بالفاحشة. اهـ الظاهر أنه يريد الأمور المعدودة في الخبر. (ح عن خط شيخه).