فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  وأما الثاني: فحيث يطلق اسم اللازم على الملزوم، كقول الشاعر:
  قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... عن النساء ولو باتت بأطهار
  يريد بشد المئزر الاعتزال عن النساء؛ لأن شد الإزار من لوازم الاعتزال.
  (و) منها: (الإطلاق(١)) وذلك بأن يطلق اسم المطلق على المقيد، كقوله:
  ويا ليت كل اثنين بينهما هوى ... من الناس قبل اليوم يلتقيان
  أي: قبل يوم القيامة.
  (و) منها: (التقييد) وهو عكس الإطلاق، كقول شريح: أصبحت ونصف الناس علي غضبان، يريد أن الناس بين محكوم له ومحكوم عليه، فالمحكوم عليه غضبان، لا نصف الناس على التعديد والتسوية. ومنه إطلاق المشفر على مطلق الشفة.
  (و) منها: (المجاورة) وذلك بأن يسمى الشيء باسم ما له به تعلق المجاورة، كتسميتهم قضاء الحاجة بالغائط الذي هو المكان المطمئن من الأرض، وكالراوية للمزادة(٢) وهي في اللغة لحاملها.
(قوله): «لأن شد الإزار من لوازم الاعتزال» لا ملازمة عقلية؛ إذ قد يوجد الاعتزال بدون شد الإزار، ولعل المراد الملازمة في العرف[١] والعادة.
(قوله): «لا نصف الناس على التعديد والتسوية» فأطلق لفظ النصف على ما لا يتحقق فيه النصفية، وهو مطلق المحكوم عليهم.
(١) قال في الإتقان: الثامن عشر إطلاق الفعل والمراد مشارفته ومقاربته وإرادته، نحو: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ}[الطلاق: ٢]، أي: قاربن بلوغ الأجل، أي: انقضاء العدة؛ لأن الإمساك لا يكون بعده، وهو في قوله: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}[البقرة: ٢٣٢]، حقيقة، {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ٣٤}[الأعراف]، أي: فإذا قرب مجيئه، وبه يندفع السؤال المشهور فيها أن عند مجيء الأجل لا يتصور تقديم ولا تأخير. اهـ المراد نقله.
(٢) قال الشريف في شرح المفتاح: المزادة ظرف الماء الذي يستقى به على الدابة التي تسمى راوية، قال أبو عبيد: لا تكون المزادة إلا من جلدين تفأم بجلد ثالث لتتسع. وجمعها المزاد [يعني بكسر الميم] والمزائد. وأما الظرف الذي يجعل فيه الزاد - أي: الطعام المتخذ للسفر - فهو المزود، وجمعه المزاود.
[١] آثر الملازمة على اللزوم لما تقرر أن اللازم من حيث إنه لازم لا دلالة له على الملزوم لكونه عاماً. (سيدي محمد بن زيد. ح).