فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  يفضض الله فاك» أي: أسنانك؛ إذ الفم محل للأسنان.
  (و) منها: (الظرفية) وهي عكس المظروفية، كقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ}[آل عمران: ١٠٧]، أي: في الجنة التي هي محل الرحمة. والمراد بالظرف ما يختص بالأجسام، وبالمحل ما يختص بالأعراض(١) والصفات.
  (و) منها: (الضدية) أي: كون أحد المعنيين ضداً للآخر، نحو قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٣٤}[التوبة]، استعيرت البشارة(٢) للإنذار.
  (و) منها: (العموم) أي: كون اسم العام مستعملاً في الخاص، كقوله تعالى حاكياً عن محمد #: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ١٦٣}[الأنعام]، وعن موسى #: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ١٤٣}[الأعراف]، ولم يرد الكل؛ لأن الأنبياء قبلهما كانوا
(قوله): «أي: في الجنة» قال الشيخ |: وفي التعبير عنها بالرحمة تنبيه على أن المؤمن وإن استغرق عمره في طاعة الله لا يدخل الجنة إلا برحمته وفضله كما روي عنه ÷: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته)).
(قوله): «ما يختص بالأجسام» يقال: الرحمة ليست بجسم[١].
(قوله): «وأنا أول المسلمين» وقوله: «وأنا أول المؤمنين» أراد بالمسلمين أمة محمد ÷ وبالمؤمنين أمة موسى عليه الصلاة والسلام لا جميع المسلمين والمؤمنين، فكانا خاصين فلا إشكال.
وأما قوله: «الذين قال لهم الناس» فليس مما نحن فيه[٢]؛ إذ اللام للعهد كما يأتي للمؤلف في التخصيص، فلا عموم، وقد ذكره ابن الحاجب.
(١) يقال: الرحمة في الآية عرض. اهـ يقال: لا عرض في صفات الله؛ لأن رحمة الله ثوابه، وثوابه الجنة، فيسقط الاعتراض. (من فوائد العلامة أحمد بن عبدالله الجنداري |).
(٢) هذا مما علاقته المشابهة؛ نزل التضاد منزلة التناسب بواسطة التهكم، ولم يعده أهل البيان من المجاز المرسل، لكن لا تزاحم بين المقتضيات، ولكل وجه، والله أعلم.
[١] يقال: رحمة الله ثوابه، وثوابه الجنة ونعيمها، وهي أجسام. (من فوائد العلامة أحمد بن عبدالله الجنداري |).
هذا غلط؛ فإن الرحمة هنا متجوز بها عن الرحمة التي هي ظرف للذين ابيضت وجوههم، وهي من الأجسام. (حسن بن يحيى الكبسي من خط حفيد مؤلف الروض).
[٢] أي: ليس من استعمال العام في الخاص؛ إذ اللام إذا كانت للعهد كان من استعمال الكل في الجزء، وإذا كانت للجنس كان من استعمال العام في الخاص فيكون مما نحن فيه، فتأمل. (ح عن خط شيخه).