فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  يعني أهلها، أو لا كقوله تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةِ}[الأنفال: ٦٧]، في قراءة الجر، أي: عرض الآخرة، ويسمى مجازاً(١) بالنقصان.
  وثانيها: حذف المضاف إليه، نحو: أنا ابن جلا، أي: أن ابن رجل جلا.
  ثالثها: النكرة في الإثبات للعموم، نحو: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ ١٤}[التكوير]، أي: كل نفس، ومنه: دع امرءاً وما اختار، أي: اترك كل امرئٍ واختياره.
  رابعها: المعرف باللام لواحد منكر، نحو: {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ}[المائدة: ٢٣]، أي: باباً من أبوابها، نقلاً عن أئمة التفسير.
= فهي مجاز بالمعنى المتعارف، وسببه النقصان، وكذلك قوله: «كمثله» مستعمل في معنى المثل مجازاً، وسبب هذا المجاز هو الزيادة، فلو قيل: ليس مثله شيء لم يكن هناك مجاز، وأيد الشيخ | هذا التوجيه بأن الأصوليين لم يذكروا إلا المجاز اللغوي، فإدراجه فيه أولى من جعله نوعاً آخر مقولاً عليه لفظ المجاز بالاشتراك أو المجاز، لكن ذكر الشيخ | أن هذا التوجيه يتوقف على أن لا يكون مجاز الحذف ومجاز الزيادة إلا ما أمكن فيه ذلك؛ بأن يفسر هذا المجاز بما تغير إعرابه بسبب حذف أو زيادة كما هو المشهور[١]، وأما تعميم الحذف بحيث يشمل حذف المضاف إليه وتعميم الزيادة بحيث يشمل «فبما رحمة من الله» فلا.
قلت: وقد عمم المؤلف # كما عمم صاحب الفصول، والأولى اعتماد ما ذكره الشيخ | من عدم التعميم، والله أعلم.
(١) مجاز النقصان هو أن ينتظم الكلام بزيادة كلمة فيعلم نقصانها، كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٣]، فإن القرية الأبنية المجتمعة، وهي لا تُسأل، وهذا المجاز إنما هو من مجاز التركيب؛ لأن المجاز في الأفراد هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، والمحذوف لم يستعمل البتة، بل الحاصل هو إسناد السؤال إلى القرية، وهو شأن المجاز الإسنادي، ويظهر أن الزيادة كذلك أيضاً؛ لأن الزائد لم يستعمل في شيء البتة. ومقتضى كلام المحصول أن هذين القسمين من مجاز الإفراد. (أسنوي).
[١] لفظ المجاز شرح الإيجاز: وأنت خبير بأن نحو سؤال القرية ومجيء ربك بمقتضى ما ذكره لا يسمى مجازاً؛ فإن التفرقة بين جاء ربك ومجيء ربك بجعل أحدهما من مجاز الحذف والآخر ليس منه مع اشتراكهما في أنه لا بد من تقدير المضاف والحكم بحذفه لوجود ما يذكر بعده من المقتضى له فيه تحكم بحت. (ح).