فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  المجاز وإلا لزم الاشتراك(١)) يعني لا نسلم أن المراد صحة سلب كل ما هو معناه حقيقة وأن سلب بعض المعاني الحقيقية غير مفيد، بل هو كاف مفيد للمطلوب؛ لأنا إذا وجدنا اللفظ مستعملاً في شيء ليس من أفراد معنى حقيقي لذلك اللفظ علمنا أن ذلك اللفظ مجاز فيه؛ إذ لو كان حقيقة لكان لذلك اللفظ معنى آخر هو من أفراده فيلزم الاشتراك(٢) وهو خلاف الأصل، ولا يلزم الدور(٣)؛ لأن العلم بأنه ليس بعض المعاني الحقيقية لا يتوقف على العلم بكون
(قوله): «بل هو كاف مفيد» قال الشريف: فإن قلت: لو كفى سلب بعض المعاني الحقيقية لزم كون المشترك مجازاً في كل واحد من معانيه. قلت: ذلك إنما هو فيما لم يعلم أنه حقيقة فيه أو مجاز، أما إذا علم كونه حقيقة فيه كما في المشترك المعلوم اشتراكه بالنقل أو العلامة[١] فلا.
(قوله): «مستعملاً في شيء» كالحمار مثلاً للبليد.
(قوله): «لكان لذلك اللفظ معنى آخر» وهو المعنى المجازي.
(قوله): «هو» أي: ذلك المعنى الآخر «من أفراده» أي: أفراد ذلك اللفظ.
(قوله): «وهو خلاف الأصل» هكذا في الحواشي، ويرد عليه أن المجاز خلاف الأصل أيضاً، والأولى أن يقال: والمجاز أرجح.
(قوله): «ولا يلزم الدور لأن العلم بأنه» أي: الشيء المستعمل فيه اللفظ.
(١) فيه بحث، وهو أن المعرفة المجازية حينئذ إنما كانت بهذا القياس الاستثنائي هكذا: لو لم يكن مجازاً لكان مشتركاً، واللازم باطل؛ لأن المجاز أرجح، فالتعريف بالسلب إن كان قبل الاستثنائي لم يتم أو بعده فتحصيل حاصل. (جلال).
(٢) أي: اشتراك الشجاع المطلق عليه لفظ الأسد وفرد آخر غير الحيوان المفترس في لفظ أسد مثلاً.
(٣) قوله: (ولا يلزم الدور): قال السعد بعد هذا الكلام في حاشيته: وثانيهما أن ما ذكرت من لزوم الدور على تقدير تمامه إنما يصح فيما إذا أطلق لفظ على معنى ولم يعلم أنه حقيقة فيه أو مجاز، أما إذا علم للفظ المستعمل معنى حقيقي ومعنى مجازي ولم يعلم أيهما المراد في هذا المقام لخفاء القرينة فصحة نفي المعنى الحقيقي عن المورد - أي: المحل الذي ورد فيه الكلام - تدل على أن المراد هو المعنى المجازي، فيعلم بذلك أن اللفظ مجاز، وليس المراد بالمورد هو المعنى المجازي ليرد الاعتراض بأنا إذا لم نعرف المراد فكيف يمكننا سلب المعنى الحقيقي عنه أو إثباته له، مثلاً إذا قيل: طلع البدر علينا * من ثنيات الوداع - وقد صح في هذا المقام أن يقال: الطالع ليس هو القمر علم أن المراد إنسان كالقمر في الحسن والبهاء، ولا شك[٢] أن هذا بالقرائن أشبه منه بالعلامات. اهـ هذا الذي ذكره السعد إيضاح لجواب ذكره المحقق العضد ولم يذكره ابن الإمام فليعرف ذلك، والله أعلم. (من خط السيد العلامة صلاح الأخفش |).
[١] في حاشية الشريف: العلاقة. وبقية التصحيح من حاشية الشريف.
[٢] في حاشية السعد: ولا يخفى.