هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

صفحة 485 - الجزء 1

  اللفظ مجازاً⁣(⁣١) فيه؛ لجواز أن يكون بعضاً آخر، بخلاف سلب كل المعاني فإنه لا يمكن بدون العلم بأن اللفظ ليس بموضوع له أصلاً.

  وهذا الجواب الآخر⁣(⁣٢) إنما يجري في المجاز دون الحقيقة؛ لأن العلم بعدم صحة سلب بعض المعاني الحقيقية عن المعنى المفروض إنما يتحقق إذا علم أنه بعض منها، وإلا صح سلب جميعها عنه.

  (و) من الوجوه النظرية التي يعرف بها المجاز (تبادر غيره) أي: سبق غير ما استعمل فيه اللفظ إلى الفهم لولا القرينة الصارفة عن ذلك الغير (عكس الحقيقة)


(قوله): «مجازياً» عبارة السعد: مجازاً، يعني بل يتوقف على كون المجاز راجحاً على الاشتراك؛ لأنهما قد تعارضا في ذلك اللفظ.

(قوله): «لجواز أن يكون» أي: الشيء المستعمل فيه اللفظ.

(قوله): «فإنه» أي: سلب كل المعاني.

(قوله): «وهذا الجواب الآخر إنما يجري في المجاز ... إلخ، وبيان ذلك أن صحة سلب بعض المعاني الحقيقية عن المجاز كافٍ في كونها علامة للمجاز؛ لعدم لزوم الدور؛ إذ لا يتوقف صحة هذا السلب على العلم بكونه مجازاً، وأما في الحقيقة فلا يكفي؛ لأنه يلزم منه الدور؛ فإنه لو قيل بأن عكس هذه العلامة أعني عدم صحة هذا السلب كافٍ في كونه علامة لها لزم الدور؛ وذلك لأن العلم بعدم صحة سلب بعض المعاني الحقيقية عن المعنى الحقيقي المفروض لا يتحقق إلا إذا علم أن المعنى المفروض بعض المعاني الحقيقية، كالقرء مثلاً إذا فرض استعماله في الطهر مثلاً وقيل: ليس هو بقرء أي: ليس هو بعضاً من المعاني الحقيقية للقرء فعدم صحة هذا السلب لا يتحقق إلا إذا علم أنه - أي: الطهر - بعض منها فيدور.

(قوله): «وإلا صح سلب جميعها» أي: وإلا يتم هذا الحصر المستفاد من قوله: إنما يتحقق ... إلخ بأن لم يتوقف العلم بعدم صحة هذا السلب على كون هذا المعنى المفروض بعضاً منها صح سلب جميعها، أي: جميع المعاني «عنه» أي: عن المعنى المفروض، فيصح أن يقال: ليس هو بقرء مطلقاً من غير تقييد بكون المعنى المسلوب عنه بعض المعاني الحقيقية؛ إذ لا مانع عن سلب الجميع عنه إلا كون المعنى المفروض بعض المعاني الحقيقية، وقد فرض أنه لا يتوقف عليه، مع أن سلب جميعها عنه لا يصح، فحينئذ لا بد في علامة الحقيقة⁣[⁣١] التي هي عدم صحة النفي من الانتفاء عن كل فرد، ولا يكفي سلب البعض، فلا يجري هذا الجواب في الحقيقة فتأمل.

(قوله): «عكس الحقيقة» الأولى أن يكون هذا القيد راجعاً إلى هذه العلامة والتي قبلها، أعني صحة النفي كما صرح بذلك ابن الحاجب وشراح كلامه، وهو ظاهر المتن. وقد أشار إلى ذلك المؤلف # حيث قال فيما سبق: وعدم صحة النفي علامة لكونه حقيقة، وقال هنا في آخر الكلام: وهذا العلامة مطردة منعكسة كالأولى.


(١) هكذا في المطبوع، وفي المخطوطات: مجازياً. كما في حاشية سيلان.

(٢) هو قوله: وإن سلم فسلب البعض كافٍ.


[١] ينظر في قول المحشي: فحينئذ إلى آخر القولة؛ فإن قوله: لا بد في علامة الحقيقة التي هي عدم صحة النفي من الانتفاء عن كل فرد غير مستقيم، فإن الانتفاء علامة المجاز، ولو قدر مضاف أي: من عدم الانتفاء لما تحققت علامة الحقيقة؛ لما عرفت من لزوم الدور الذي هو أظهر منه في المجاز، فلا محيص من الدور في علامة الحقيقة⁣[⁣٠]. وكذا قول المحشي بعد: ولا يكفي سلب البعض ففي كلام المحشي خبط، فتأمل فيه. (ح عن خط شيخه).

[٠] سواء قيل في علامة الحقيقة عدم صحة السلب عن الكل أو عن البعض. (ح).