فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  فإنها تعرف بأن لا يتبادر غيره لولا القرينة سواء تبادر هو أو لم يتبادر، فهذه(١) العلامة مطردة منعكسة كالأولى؛ إذ تبادر الغير علامة المجاز، وعدمه علامة الحقيقة.
  (وأورد) على هذه العلامة (التجوز بالمشترك(٢)) أي: استعمال المشترك في معنى مجازي كالعين فيما يشبه الشمس فإنه تحقق فيه(٣) علامة الحقيقة - وهي عدم تبادر الغير؛ للتردد بين معاني المشترك - ولا حقيقة.
  (وأجيب بأنه) لا يخلو: إما أن يجوز استعماله في الجميع ويكون ظاهراً فيه
(قوله): «بأن لا يتبادر غيره لولا القرينة» فسر المؤلف # العكس بعدم تبادر الغير لولا القرينة اعتماداً على ما في شرح المختصر. قال الشريف: وهذا التفسير أعم من أن يتبادر هو أو لا؛ فلذا قال المؤلف #: سواء تبادر هو - أي: المعنى الحقيقي - أو لم يتبادر. قال: وقد فسر غيره العكس بتبادر المعنى الحقيقي إلى الفهم لولا القرينة، ثم قال: وإنما اختار الشارح ذلك التفسير لأن علامة الشيء خاصة له، وقد تكون مفارقة له غير منعكسة، فلو قيل: علامة المعنى الحقيقي أن يتبادر هو إلى الفهم لولا القرينة لم يتجه ورود المشترك حينئذ بأن يقال: المشترك حقيقة في كل واحد من معانيه ولا يتبادر شيء منها؛ إذ حاصله أنه وجد هاهنا الحقيقة ولم توجد خاصتها، ولا محذور فيه. وأما على توجيه الشارح وهو جعل علامة الحقيقة أن لا يتبادر غيره فاللازم من الاعتراض بالمشترك وجود خاصة الشيء بدونه، ولا خفاء في استحالة ذلك. قلت: فلذا اعتمد المؤلف على تفسيره للعكس وقال: فإنه تحقق فيه علامة الحقيقة ولا حقيقة إشارة إلى ما ذكره الشريف في وجود خاصة الشيء بدونه، والله أعلم.
(قوله): «وأورد التجوز بالمشترك» هذا حاصل ما ذكره الشريف في وجود خاصة الشيء بدونه، والله أعلم.
(قوله): «وأورد التجوز بالمشترك» هذا حاصل ما اختاره في شرح المختصر في تقرير الإيراد، وأما تقرير الآمدي للإيراد وتبعه سائر شراح كلام ابن الحاجب فهو أن هذه العلامة تنتقض بالمشترك فإنه حقيقة في مدلولاته مع عدم تبادر شيء منها عند الإطلاق، واعترض هذا التقرير في الحواشي بأنه لا يرد على علامة المجاز، وهو ظاهر، ولا على علامة الحقيقة؛ لأن علامة الشيء خاصة له، وقد تكون غير منعكسة، فإذا قيل: علامة المعنى الحقيقي أن يتبادر هو إلى الفهم لولا القرينة لم يتجه أن يقال: المشترك حقيقة في كل واحد من معانيه ولا يتبادر شيء منها؛ إذ حاصله أنه وجد الحقيقة ولم توجد خاصتها، ولا محذور؛ فلهذا عدل المؤلف # عن ذلك وجعل العلامة عدم تبادر الغير ولم يجعلها تبادر المعنى الحقيقي، وقرر الاعتراض بأن المراد ورود التجوز بالمشترك ليكون متوجهاً؛ لأن ذلك وجود خاصة الشيء بدونه، وهو محال كما عرفت.
(١) في (أ، ب): وهذه.
(٢) عبارة فصول البدائع: فورد على طرد علامة الحقيقة وعكس علامة المجاز المشترك المستعمل في معنى مجازي؛ إذ لا يتبادر غيره للتردد، وليس بحقيقة.
(*) قوله: التجوز بالمشترك كقولك: عين ضاحكة مثلاً فهذا مجاز مع أنه لو حذفت القرينة لم يسبق ولم يتبادر إلى الشمس لو قيل: عين لتردده بينها وبين غيرها. هذا معنى الإيراد.
(٣) «فيه» ساقطة من المخطوطات.