هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

صفحة 488 - الجزء 1

  غيره⁣(⁣١) وهو (واحد) من موضوعات المشترك وإن كان تبادره على الإجمال، فانتفى عنه علامة الحقيقة، بل وجدت له علامة المجاز، ولا يصدق على شيء من المعنيين أنه تبادر غيره، بل هناك تردد بينه وبين غيره، فانتفى عنه علامة المجاز، بل وجدت له علامة الحقيقة.

  (و) من الوجوه النظرية التي يعرف بها المجاز (عدم اطراده) بأن يستعمل اللفظ لوجود معنى في محل ولا يجوز استعماله في محل آخر مع وجود ذلك المعنى فيه، كالنخلة تطلق على الإنسان لطوله ولا تطلق على طويل آخر غير الإنسان⁣(⁣٢). وهذه العلامة لا تنعكس⁣(⁣٣)، فلا يلزم من انتفائها انتفاء المجاز فلا تلزم الحقيقة؛ إذ من المجاز ما لا يوجد فيه عدم الاطراد كالأسد⁣(⁣٤) للشجاع.


(قوله): «فانتفى عنه» أي: عن هذا المجاز علامة الحقيقة، قد عرفت أن العلامة هي عدم تبادر الغير، وهذا العدم قد انتفى عن المجاز، وانتفاء هذا العدم⁣[⁣١] أعم من تبادر الغير فلذا قال المؤلف # بل وجدت علامة المجاز وهي تبادر الغير.

(قوله): «ولا يصدق على شيء من المعنيين أنه يتبادر غيره» الغير هو المعنى الآخر من المعنيين.

(قوله): «بل هناك تردد بينه» أي: بين الشيء «وبين غيره» وهو المعنى الآخر، مثلاً يتبادر من إطلاق القرء أحدهما بعينه على أنه مراد، بمعنى أنه أراد إما الطهر أو الحيض، فلا يصدق على الطهر مثلاً أنه بتبادر غيره وهو الحيض، ولا على الحيض إنه يتبادر غيره وهو الطهر، بل يقع التردد في أن المراد إما هذا المعين أو ذاك المعين، هذا معنى سبق أحدهما بعينه على أنه المراد إجمالاً.

(قوله): «فانتفى عنه» أي: عن المعين علامة المجاز لأنه لم يتبادر غيره، بل وجدت له علامة الحقيقة، وهي عدم تبادر الغير.

(قوله): «فلا تلزم الحقيقة⁣[⁣٢]» في الحواشي: يعني لا عكس لهذه العلامة لأنها⁣[⁣٣] ليست بحيث إذا انتفت انتفى المجاز ولزمت الحقيقة، فقوله: ولزمت الحقيقة أولى من قوله: فلا تلزم الحقيقة.

(قوله): «إذ من المجاز ما لا يوجد فيه عدم الاطراد» عبارة شرح المختصر: فإن المجاز قد يطرد كالأسد للشجاع.


(١) والغير هو المعنى الآخر من المعنيين.

(٢) بناء على أن وجه الشبه هو مجرد الطول لا أنه الطول مع فروع وأغصان في أعاليها وطراوة وتمايل فيها كما تقدم. (من خط لي).

(٣) أي: ليس الاطراد دليل الحقيقة. (عضد).

(٤) قال سيدنا أحمد بن حابس: لا يطلق الأسد مجازاً على حيوان غير إنسان، ومثل للمطرد بقولهم: دليل في معرف الطريق يعني كالنصب - عند من يجعل حقيقته فاعل الدلالة. (من خط سيدي العلامة عبدالقادر بن أحمد).


[١] بأن يفرض وجود لفظ ولم يحصل منه التبادر ولا عدمه لتحقيق الأعمية. (ح عن خط شيخه). ويحقق إذ يؤدي إلى ارتفاع النقيضين. (حسن بن يحيى ح).

[٢] يقال: المؤلف لاحظ الاختصار، ولا يلائم قوله: فلا يلزم من انتفائها ... إلخ إلا قوله: فلا تلزم الحقيقة كما لا يخفى. (حسن بن يحيى).

[٣] في الحواشي: وأنها.