فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  يحب النظافة» أخرجه ابن عدي عن ابن عمر(١)، وكذا القارورة دائرة بين المستقَر مطلقاً وبين المستقَر مع كونه زجاجاً، فبعدم الاستعمال في غيره علمنا أنها للثاني.
  (و) من العلامات النظرية (جمعه) أي: اللفظ باعتبار معناه المختلف في كونه حقيقة أو مجازاً (على خلاف جمع الحقيقة) المعلومة باتفاق، كالأمر بمعنى الفعل(٢) فإنه يجمع على أمور، ويمتنع فيه «أوامر» جمع أمر بمعنى القول(٣) الذي هو حقيقة فيه باتفاق(٤). وهذه العلامة لا تنعكس؛ إذ المجاز قد لا يجمع بخلاف(٥) جمع الحقيقة كالأسد.
  ووجه دلالته: أنه لا يكون مشتركاً معنوياً وإلا لما اختلف جمعهما؛ لأنه لفظ
(قوله): «فبعدم الاستعمال» هكذا في الحواشي للشريف، وقد يقال: غايته[١] عدم العلم بالاستعمال، وعدم العلم ليس علماً بالعدم.
(قوله): «ومن العلامات النظرية» يعني التي يعرف بها المجاز، وإنما ترك التقييد بذلك للتقييد به فيما سبق وفيما يأتي فاستغنى عن ذلك، وفي ترك التقييد إشارة إلى قوة الاعتراض الآتي، أعني قوله: ولا يخفى أن التمييز إنما يحصل بمجموعهما. وأما وجه عدوله في هذه العلامة وما بعدها عن الوجوه إلى العلامات فلمجرد التفنن في العبارة.
(قوله): «قد لا يجمع بخلاف جمع الحقيقة» يعني بل يتحد جمعاهما، كالحمر لأنه صادق على الحيوان الناهق وعلى البليد، والأسد فإنه جمع الحيوان المفترس والرجل الشجاع، فليس الاتحاد في الجمع علامة الحقيقة.
(قوله): «ووجه دلالته» أي: جمعه على خلاف جمع الحقيقة.
(١) قال في الجامع الصغير: وهو ضعيف.
(*) وفي رواية ابن عمر أيضاً بعد قوله: «إن الله جميل يحب الجمال»: «ويحب أن يرى أثر نعمته عليه، ويبغض البؤس والتباؤس». أخرجه البيهقي في الشعب. وأخرج قوله: (إن الله جميل يحب الجمال) مسلم والترمذي عن ابن مسعود. (من الجامع الصغير باختصار).
(٢) والغرض والشأن كما يأتي.
(٣) لأن الأوامر جمع أمر الذي هو الطلب أعني صيغة افعل، وفي التمثيل نظر؛ لأن أوامر لا يصح كونها جمع أمر، فإن فواعل لا يجي إلا جمع فاعلة، فأوامر جمع آمرة بمعنى كلمة آمرة مجازاً كما في: شعر شاعر، وقد توهم الجوهري ما توهمه غيره، وليس له شاهد من كلام العرب، وإنما ذلك من عبارات أهل الشرع بالتأويل الذي ذكرنا. (من نظام الفصول للمحقق الجلال).
(٤) فيعلم أنه بمعنى الفعل مجاز؛ لمخالفة جمعه جمع الحقيقة.
(٥) بخلاف متعلق بقوله: بجمع. اهـ من خط سيدي العلامة عبدالقادر بن أحمد.
[١] لعله اعتراض على المؤلف، وهو معنى قولهم: عدم الوجود لا يدل على عدم الوجدان فتأمل. (ح عن خط شيخه).