هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

صفحة 491 - الجزء 1

  واحد بمعنى واحد، بقي أن يكون مشتركاً لفظياً أو حقيقة ومجازاً، والثاني أولى لما سيأتي إن شاء الله تعالى.

  وبهذا التوجيه اندفع ما قيل: يجوز أن يكون اختلاف الجمع لسبب اختلاف المسمى وإن كان حقيقة فيهما كما في جمع عودَي الخشب واللهو.

  واعترض بأن اختلاف الجمع لا أثر له في المجازية؛ لأنه إنما ثبت المجاز في الآخَر لأجل دفع الاشتراك، فلا يكون الاختلاف من علامات المجاز.

  وأجيب بأن دفع الاشتراك إنما هو دليل للمجاز، وهو لا ينافي كون الاختلاف علامة⁣(⁣١) له. ولا يخفى أنه⁣(⁣٢) إنما يصح لو كان الاختلاف بانفراده


(قوله): «والثاني» أي: كونه حقيقة ومجازاً.

(قوله): «أولى لما سيأتي» من كون المجاز أولى من الاشتراك.

(قوله): «وبهذا التوجيه» أي: بنفي كونه مشتركاً لفظياً اندفع ما قيل أي: ما اعترض به العلامة في شرحه للمختصر من أن اختلاف الجمع لا يدل على التجوز؛ لأنه يجوز أن يكون لاختلاف المسمى فيكون مشتركاً لفظياً، ووجه اندفاعه أن المجاز خير منه.

(قوله): «كما في عودي الخشب واللهو» فإن جمع الأول: عيدان، والثاني: أعواد.

(قوله): «واعترض بأن اختلاف الجمع لا أثر له» أي: في ثبوت المجازية لأنها قد ثبتت بأمر آخر وهو أن كل لفظ علم كونه حقيقة في معنى فإذا استعمل في معنى آخر حمل على المجاز دفعاً للاشتراك.

(قوله): «وهو لا ينافي كون الاختلاف علامة له» أي: للمجاز، قد عرفت أن مبنى الاعتراض على أن الاختلاف لا أثر له؛ لثبوت المجازية بغيره، وهو دفع الاشتراك، فالجواب بعدم منافاة دفع الاشتراك للاختلاف لا يدفع عدم التأثير كما لا يخفى؛ إذ لا يلزم من عدم المنافاة عدم التأثير⁣[⁣١]؛ فقول المؤلف #: وهو لا ينافي ... إلخ لم يظهر به دفع الاشتراك؛ إذ لا بد في دفعه من بيان كون الاختلاف هو الصالح للعلامة لا الدليل ليثبت تأثير الاختلاف في ذلك.

(قوله): «ولا يخفى ... إلخ» دفع لهذا الجواب، وكأنه متوجه إلى ما يستفاد من قوله: كون الاختلاف علامة له؛ إذ مقتضاه أن الاختلاف مستقل في كونه علامة، فيتوجه منع ذلك بأنه إنما يستقل في كونه علامة بالنظر إلى الاشتراك المعنوي كما عرفت لا اللفظي فإنما ينفيه كون المجاز خيراً منه.


(١) في حاشية ما لفظه: اعلم أن العلامة ما يستدل بها المقلد على المجازية هنا، فإنه إذا رأى اختلاف الجمع المذكور حكم بالمجاز وإن لم يقتدر على الاستدلال على نفي الاشتراك اللفظي؛ إذ الاستدلال وظيفة المجتهد، ومن هنا تعرف ضعف قوله: ولا يخفى أنه إنما يصح ... إلخ، ولسيلان هنا خبط بين. (من خط السيد العلامة عبدالقادر).

(٢) أي: كون اختلاف الجمع ... إلخ.


[١] الأولى عدم العدم، وهو التأثير كما لا يخفى. (ح عن خط شيخه).