فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  منهما مناطاً للحكم، وإذا كان المراد ثالثاً شاملاً فدخول شيء تحته لا يستلزم إرادته بحيث يصير مناطاً للحكم.
  قلنا: الدخول تحت المراد له هنا معنيان: أحدهما: أن يكون المراد مجموع المعنيين من حيث هو مجموع على ما هو شأن الكل المجموعي، والمجموع بهذا المعنى لا يلزم من إرادته إرادة ما دخل تحته؛ لتعلق الحكم بالكل لا بالأفراد.
  والثاني: أن يكون المراد المجموع لا من حيث هو مجموع بل المراد به الكل الإفرادي، أي: كل واحد منهما، ولا شك أن إرادة أحدهما بعينه داخلة في إرادة كل واحد منهما فيكون(١) كل واحد منهما مراداً بحيث يصير مناطاً للحكم.
  إذا عرفت ذلك فقد منع جواز إرادة المعنيين الحقيقي والمجازي باللفظ الواحد أبو هاشم وأبو الحسن الكرخي وأبو عبدالله البصري وأكثر أصحاب أبي حنيفة وأجازه القاسمية وأبو طالب والشافعي وأصحابه وأبو علي، ودل عليه كلام صاحب الكشاف حيث قال في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ(٢) مَسَاجِدَ اللَّهِ}[التوبة: ١٨]:
(قوله): «ودل عليه كلام صاحب الكشاف» وفي سورة النمل وغيرها ما يدل على خلاف هذا، بل صرح بالمنع فليطالع إن شاء الله تعالى، وقد يقال: التناول لا يستلزم كون المعنيين مرادين، فلا ينافي ما في سورة النمل وغيرها، والله أعلم.
(١) «منهما» ساقطة من المطبوع.
(٢) فإن قيل: اللفظ في المجموع مجاز، والمجاز مشروط بالقرينة المانعة عن إرادة الموضوع له، فيكون الموضوع له مراداً وغير مراد، وهذا محال. قلنا: الموضوع له هو المعنى الحقيقي وحده، فتجب قرينة على أنه وحده ليس المراد، وهي لا تنافي[١] كونه داخلاً تحت المراد. (من شرح الشيخ لطف الله على الفصول).
هذا، وإرادة المعنيين في الكناية كما تقرر ليست من هذا القبيل؛ لما عرفت من أن مناط الحكم إنما هو المعنى الثاني. (شيخ لطف الله).
[١] والعلاقة المصححة هي الأصلية التي بين المعنى الحقيقي والمجازي لا إطلاق اسم الجزء على الكل كما يتوهم أنه لا يتمشى إلا على أن يراد من حيث هو مجموع، وأما إذا أريد كل واحد على استقلاله فلا كلية ولا جزئية فاعرفه. (جلال).