هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[حكم اللفظ بعد الوضع قبل الاستعمال]

صفحة 499 - الجزء 1

[حكم اللفظ بعد الوضع قبل الاستعمال]

  (مسألة: اللفظ بعد الوضع قبل الاستعمال ليس بحقيقة ولا مجاز) اتفاقاً؛ لعدم صدق حد شيء⁣(⁣١) منهما عليه.

  (قيل: وكذلك الأعلام) ليست حقيقة ولا مجازاً⁣(⁣٢) (لعدم صدق حدهما) أيضاً⁣(⁣٣)، وهذا رأي الجمهور؛ وذلك لأنها لم تقع على مسمياتها المعينة


(قوله): «اللفظ بعد الوضع قبل الاستعمال»: قال في شرح الشيخ العلامة: كلفظ ضارب إذا لم يستعمل بعد أن حكم الواضع بأن صيغة كل فاعل من كذا فهو كذا فإنها كلمة موضوعة بالوضع النوعي وليست بحقيقة ولا مجاز لعدم الاستعمال. انتهى

ولعله يندفع به ما نقل عن السمرقندي من الاعتراض بأنه لا مفهوم لقولهم: قبل الاستعمال؛ لأنه إن تلفظ بها فقد وجد الاستعمال، وإلا فلا يكون هناك كلمة، بل تصور كلمة، ووجه الاندفاع أن ما ذكره على تقدير تسليمه إنما يتم في الوضع الشخصي لا في النوعي كما في مثال الشيخ العلامة.

وأما جواب السمرقندي عن هذا الاعتراض بأن المراد بتعيين الواضع أن يقول: عينت هذا اللفظ بإزاء كذا فإنه حينئذ لا يوصف بالحقيقة ولا بالمجاز؛ لأنه لم يستعمل فيما وضع له ولا في غيره - ففيه تأمل⁣[⁣١].

(قوله): «قيل: وكذا الأعلام» يعني ليست بحقيقة ولا مجاز، وهذا القول للآمدي والبيضاوي والعضد وغيرهم من المتأخرين، لكن يقال: قد صرح نجم الأئمة وغيره من أئمة النحو والبيان بأن التأكيد في مثل ضرب زيد زيد قد يكون لدفع التجوز بإطلاقه على غلامه كما في قطع الأمير اللص⁣[⁣٢]. ذكره بعض المحققين⁣[⁣٣] من شراح الفصول.

(قوله): «لأنها لم تقع على مسمياتها المعينة ... إلخ» استدل الشيخ في شرح الفصول على نفي كون الأعلام حقيقة بوجهين: الأول قوله: لأنها ليست بوضع واضع اللغة كما ذكره المؤلف # والثاني قوله: ولأنها مستعملة في غير موضعها⁣[⁣٤] الأصلي =


(١) لأن الاستعمال جزء مفهوم كل من الحقيقة والمجاز. (أصفهاني على المنهاج).

(٢) قال الأصفهاني في شرح المنهاج: الأعلام لا تكون حقيقة ولا مجازاً؛ لأنها منقولة عن المعاني الأصلية فلا تكون حقيقة في المنقول إليها، ولأنها لم تنقل لعلاقة فلا تكون مجازاً.

(٣) «أيضاً» ساقطة من المطبوع.


[١] لعل وجه التأمل أنه لم يندفع به ما أورده السمرقندي، واندفاعه ظاهر كما لا يخفى أن التعيين ليس باستعمال. (ح من خط شيخه).

[٢] يقال: هذا مجاز عقلي، والمسند إليه مستعمل في معناه حقيقة، فلا تجوز في العلم كما استظهر به هنا، فلو مثل بمثال يكون التجوز فيه بالعلم على نحو قولهم: ولا يكون علماً إلا إذا تضمن نوع وصفية كحاتم كأن يقول: مررت بحاتم حاتم في محل مستغرب وجوده فيه فجيء بالتأكيد دفعاً للتجوز، فتأمل. (ح عن خط شيخه).

[٣] هو الجلال في نظام الفصول.

[٤] في شرح الفصول: موضوعها.