هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[حكم اللفظ بعد الوضع قبل الاستعمال]

صفحة 500 - الجزء 1

  بوضع من أهل اللغة ولا من أهل الشرع حتى إذا استعملت في مسمياتها المعينة تكون حقيقة وإذا استعملت في غيرها لمناسبة تكون مجازاً.

  (قلنا): ما ذكرتموه من عدم صدق أحد الحدين عليها (ممنوع لصدق حد) الحقيقة (اللغوية) عليها؛ فإن العرب قد وضعت أعلاماً كثيرة لا يمكن إنكارها. (سلمنا) عدم صدق حد اللغوية وأنها مستعملة في غير موضعها⁣(⁣١)


= ثم استدل على نفي كونها مجازاً بدليل آخر حيث قال: وليست مجازاً؛ لأنها مستعملة لغير علاقة؛ لأنها إن كانت مرتجلة أو منقولة لغير علاقة فظاهر، وإن كانت منقولة لعلاقة كمن سمى ولده مباركاً لما اقترن بحمله أو وضعه من البركة فكذلك؛ لأنه لو كان مجازاً لامتنع إطلاقه عند زوال العلاقة، وليس كذلك.

كذا قيل، ثم أجاب الشيخ عن الوجهين بما نقله عن الأسنوي، فعن الأول: بأن العرب قد وضعت أعلاماً كثيرة، وعن الثاني: بأنه إنما يأتي على مذهب سيبويه كما ذكره المؤلف #.

ثم أجاب عن دليل نفي كونها مجازاً بأنه يرد عليه قولهم: هو حاتم جوداً وزهير شعراً فإنها أعلام دخلها التجوز. فالمؤلف # اقتصر هاهنا على الوجه الأول، وأورد الوجه الثاني في سياق التسليم الآتي حيث قال: سلمنا عدم صدق حد اللغوية وأنها مستعملة في غير موضعها الأصلي، ولم يتعرض لما جعله الشيخ | دليلاً على نفي كون الأعلام مجازاً بناء منه # أن الوجه الأول مغن عنه؛ ولذا قال المؤلف #: حتى إذا استعملت ... إلخ.

وأما إيراد الشيخ | قولهم: هو حاتم جوداً وزهير شعراً فجوابه: أن ذلك ليس باستعارة⁣[⁣١] كما ذكره المحققون من البيانيين، فليس بمجاز، والله أعلم.

(قوله): «أحد الحدين» أي: حدي الحقيقة والمجاز المشار إليهما بقوله: حتى إذا استعملت في مسمياتها ... إلخ.

(قوله): «فإن العرب وضعت أعلاماً» يعني واستعملتها؛ ليتم الاستدلال.

(قوله): «وأنها مستعملة في غير موضعها الأصلي» عطف على قوله: عدم صدق حد اللغوية كالتفسير له، ولعل المؤلف أراد بعدم صدق حد اللغوية عدم صدق الحقيقة اللغوية الأصلية، أي: المستعملة في أصل اللغة، يعني بل هي منقولة عن موضعها الأصلي على ما هو فرض الاحتجاج، كجعفر فإنه منقول من موضعه الأصلي وهو النهر إلى العلمية، ونحو ذلك. وإذا حمل كلام المؤلف # على أن المراد الحقيقة اللغوية الأصلية اندفع ما يقال: عدم الاستعمال في غير موضعها الأصلي لا يبطل به كون العرب قد وضعت أعلاماً؛ إذ لا منافاة بين استعمالها في غير الموضع الأصلي الذي نقلت عنه وبين الوضع من العرب لها أعلاماً كجعفر، فيصدق حد اللغوية بالنظر إلى الوضع العلمي. ووجه الدفع أن اللغوية إذا حملت على الأصلية لم يصدق حدها على تلك الأعلام المنقولة؛ لأنها ليست بأصلية، وبهذا الحمل يستقيم الجواب بقوله: فإنما يتم إذا كان الكل منقولاً؛ لما عرفت من أن المنقول ليس موضوعاً في أصل اللغة =


(١) في (أ، ب): موضوعها.


[١] بل تشبيه مؤكد؛ لأنه قد ذكر المشبه به. (ح عن خط شيخه).