هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[حكم اللفظ إذا دار بين المجاز والاشتراك]

صفحة 505 - الجزء 1

[حكم اللفظ إذا دار بين المجاز والاشتراك]

  (مسألة) اختلف في اللفظ الواحد إذا دار بين المجاز والاشتراك، كالنكاح⁣(⁣١) فإنه يحتمل أن يكون حقيقة في الوطء مجازاً في العقد وأن يكون مشتركاً بينهما، قال في الصحاح: النكاح الوطء، وقد يكون العقد.

  (المختار أن المجاز أولى من الاشتراك؛ لغلبته) وكثرته في اللغة حتى قال ابن جني: إن أكثر اللغة مجاز، والكثرة تفيد ظن الرجحان.

  وقيل: بل الحمل على الاشتراك أولى؛ وذلك لنوعين من الترجيح: مفاسد للمجاز لا توجد في الاشتراك، وفوائد للاشتراك لا توجد في المجاز، فمنها: أن المشترك مطرد في كل واحد من معانيه فيطلق عليه في جميع محاله؛ لما عرفت من أن الحقائق مطردة فلا يُضطَرَب فيه، والمجاز قد لا يطرد؛ إذ عدم الاطراد من علاماته، فيَضْطَرِب بحسب محاله.

  ومنها: الاشتقاق منه بالمعنيين إن كان مما يشتق منه، والمجاز قد لا يشتق منه


(قوله): «فإنه يحتمل أن يكون حقيقة في الوطء ... إلخ» المراد أن اللفظ إذا علم⁣[⁣١] كونه حقيقة في أحد معنيين وتردد في أنه حقيقة في الآخر فيكون مشتركاً أو لا فيكون مجازاً، كلفظ النكاح فإنه حقيقة في الوطء، وأما في العقد فيحتمل الأمرين، وبما ذكرنا يظهر الاستدلال بما نقله المؤلف # عن الصحاح.

(قوله): «إن أكثر اللغة مجاز» قد أورد في المحصول شبهة لابن جني على ذلك، ونقلها الشيخ العلامة في شرح الفصول وأجاب عنها تركناها؛ إذ لا يحتملها المقام.

ومما استدل به أن قولك: ضربت عمراً مجاز؛ لأنك ربما ضربت بعضه كرأسه لا جميعه، وإذا قلت: ضربت راسه فهذا أيضاً قد يكون مجازاً إذا لم تضرب إلا جناباً من جوانب رأسه.

(قوله): «بالمعنيين» مثل: أقرأت، أي: حاضت وطهرت، بخلاف المجاز فإنه لا يشتق منه كما ذكره المؤلف.

(قوله): «إن كان مما يشتق منه» هذا دفع إيراد⁣[⁣٢] كما ذكره السعد، وهو أن الاسم إن كان صالحاً للاشتقاق ثبت سواء كان مشتركاً أو مجازاً كناطق من النطق بمعنى الدلالة مجازاً، وإن لم يكن صالحاً لم يثبت الاشتقاق أصلاً. وأجاب بأن المراد أن الاسم الصالح للاشتقاق قد يستعمل مجازاً فلا يشتق [منه]، كرجل عدل، وإنما هي إقبال، ثم قال: وفيه نظر، وذُكِر في وجه النظر أنه لا مجاز في المفرد، بل في الإسناد⁣[⁣٣].


(١) وفي شرح المحلي على الجمع ما لفظه: كالنكاح حقيقة في العقد مجاز في الوطء، وقيل: العكس، وقيل: مشترك بينهما، فهو حقيقة في أحدهما محتمل للحقيقة والمجاز في الآخر.


[١] عبارة الشريف: قوله: «إذا دار اللفظ بين أن يكون مجازاً أو مشتركاً» وذلك إذا علم كونه حقيقة في أحد معنييه ... إلخ.

[٢] الدفع إن كان مما يشتق منه ... إلخ الكلام لا بقوله: لا يشتق منه فتأمل. (ح عن خط شيخه).

[٣] ولو مثل بالأمر بمعنى الفعل فإنه صالح للاشتقاق ولا يشتق منه آمر ومأمور لكان أولى كما ذكره المؤلف. (حسن يحيى من خط العلامة أحمد بن محمد السياغي).