فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  ومنها: احتياجه إلى معنى وضع اللفظ بإزائه؛ لأنه فرعه، بخلاف المشترك لاستقلال كل معنى بالوضع ابتداء، والأصل أولى بالإثبات.
  ومنها: مخالفته(١) للظاهر، وهو الحقيقة، بخلاف المشترك(٢).
  ومنها: إيقاعه في الغلط عند عدم القرينة، وهو حمله على غير المراد، بخلاف المشترك(٣).
  وعورض بنوعين مرجحين للمجاز كذينك: مفاسد للمشترك، وفوائد للمجاز.
  فمن مفاسد المشترك: الإخلال بالفهم عند خفاء القرينة، بخلاف المجاز.
  ومنها: أداؤه إلى مستبعد من ضد للمقصود أونقيض له(٤) إذا حمل على غير
(قوله): «احتياجه إلى معنى» يعني حقيقي.
(قوله): «عند عدم القرينة» الأولى عند عدم ظهورها؛ إذ لا بد من القرينة.
(قوله): «عند خفاء القرينة» أو عدمها، وهذا عند من لم يجوز إعماله في معنييه، وأما عند من جوزه فالإخلال عنده إنما هو في المشترك بين الضدين فقط.
(قوله): «بخلاف المجاز» إذ يحمل مع القرينة عليه ومع عدمها على الحقيقة، وقد يقال: الفرض وجود القرينة لكنها خفية.
(١) لأن استعماله في مفهومه المجازي استعمال في غير ما وضع له اللفظ، ولا شبهة في أن استعمال اللفظ في غير ما وضع له خلاف الظاهر. (جواهر).
(٢) لأنه استعماله في كل من مفهوميه استعمال اللفظ فيما وضع له اللفظ، فلم يرتكب فيه خلاف الظاهر. (جواهر).
(٣) لأنه إذا تجرد عن القرينة لم يحمل على واحد من مفهوميه فلم يقع غلط. (جواهر).
(٤) قال السعد في حاشيته على شرح العضد: ظاهر كلام المصنف أنه يريد أن اللفظ قد يكون مشتركاً بين الضدين كالجون للأبيض والأسود، والقرء للطهر والحيض، والنقيضين كالأمر للإباحة والتهديد مثلاً، فإذا أطلق وأريد أحدهما وفهم الآخر بتخيل قرينة فقد فهم ما هو في غاية البعد من المراد، كما إذا فهم من قوله تعالى: «ثلاثة قروء» الحيض والمراد الأطهار، ومن قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة: ٢]، الوجوب والمراد الإباحة، أي: جواز الفعل على ما ذكره في التنقيح من أن معنى قولهم: الأمر للإباحة أن مدلوله جواز الفعل، وإنما جواز الترك بحكم الأصل، بخلاف المجاز فإنه على تقدير فهم غير المراد لا يؤدي إلى مستبعد، بل مناسب لما بين المعنيين من العلاقة، حتى إن إطلاق اسم الضد على الضد لا يكون إلا بتنزيل التضاد منزلة التناسب لمشاكلة أو تهكم أو تمليح، ولما لم يتحقق وضع اللفظ للنقيضين بالتحقيق حتى إن الشارحين إنما فرضوه في لفظ النقيض إذا جعل لكل من الإيجاب والسلب لا للقدر المشترك قرر الشارح المحقق تأدية المشترك إلى نقيض المراد بوجه لا يفتقر إلى وضعه للنقيضين، =