فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  المراد منه، نحو: لا تطلق في القرء، والمراد الحيض، فيفهم(١) منه المنع في الطهر، فيلزم الجواز في الحيض، وهو نقيض المراد(٢)، أو الوجوب فيه بناء على أن النهي عن الشيء أمر بضده، وهو ضد المراد.
(قوله): «فيفهم منه المنع في الطهر» يعني بحمل القرء على الطهر بتوهم القرينة.
(قوله): «فيلزم الجواز في الحيض» لم يتعرض المؤلف لتوجيه ذلك، وفي حاشية السيد المحقق: بناء على أنه - أي: التطليق - جائز، وإذا لم يجز في الطهر جاز في الحيض قطعاً.
(قوله): «وهو نقيض المراد» لأن الجواز في الحيض نقيض عدم الجواز فيه.
(قوله): «أو الوجوب فيه» أي: في الحيض «بناء على أن النهي عن الشيء أمر بضده» يعني والأمر للوجوب على المختار، ذكره الشريف. وإذا حمل الأمر على الوجوب كان هذا توجيهاً للقسم الثاني - أعني كونه ضد المراد - لا للقسم الأول - أعني كونه نقيض المراد - فقد عرفت توجيهه بما ذكره الشريف. وأما السعد فإنه جعل جواز التطليق في الحيض ووجوبه مبنيين جميعاً على كون النهي عن الشيء أمراً بضده؛ لأنه لم يحمل الأمر على الوجوب، بل قال: فإن حمل الأمر على الإباحة - أي: الجواز - فنقيض المراد، أو على الإيجاب فضده.
(قوله): «وهو ضد المراد» لأن [عدم][١] جواز التطليق ووجوبه متضادان لا نقيضان؛ لجواز ارتفاعهما معاً. بخلاف المجاز فإنه على تقدير فهم غير المراد لا يؤدي إلى مستعبد، بل مناسب لما بين المعنيين من العلاقة حتى إن إطلاق اسم الضد على الضد لا يكون إلا بتنزيل التضاد منزلة التناسب لمشاكلة أو تهكم أو تمليح.
= وهو أنه قد يقال: لا تطلق في القرء ويراد الحيض فيحمل على الطهر بتوهم قرينة، ويفهم جواز التطليق في الحيض، وهو نقيض المراد أعني التحريم، أو وجوبه وهو ضد المراد، ومبناه على ما تقرر في العربية من أن النفي في الكلام يرجع إلى القيد ويفيد ثبوت أصل الحكم في مقابله، حتى كأنه قيل: لا تطلق في الطهر بل في الحيض جوازاً أو وجوباً، أو في الأصول من أن النهي عن الشيء يستلزم الأمر بضده، لا بأن يؤخذ ضد التطليق على الإطلاق ليكون هو الإمساك والكف عن الطلاق، بل بأن يجعل التطليق في الحيض ضد التطليق في الطهر نظراً إلى القيد، فكأنه قيل: طلق في الحيض، فإن حمل الأمر على الإباحة - أي: الجواز - فنقيض المراد، أو على الإيجاب فضده، وهذا القدر كاف في التمثيل. وأما ما يقال من أن المراد أنه يفهم الجواز إذا قيل: لا تطلق في القرء والوجوب إذا قيل: طلق في القرء فليس بمستقيم على ما لا يخفى. انتهى. إذ يؤدي إلى أن يكون التطليق في الحيض جائزاً على الأول وواجباً على الثاني.
(١) قوله: (فيفهم منه المنع في الطهر) أي: يفهم المخاطب المنع بحمل القرء على الطهر، وقوله: (فيلزم الجواز في الحيض) أي: يبقى على الأصل وهو الجواز.
(٢) إذ المراد تحريم الطلاق في الحيض، وهو نقيض الجواز فيه؛ إذ لا يجتمعان فيه ولا يرتفعان. وقوله: أو الوجوب فيه بناء على أن النهي عن الشيء ... إلخ يعني والوجوب ضد عدم الجواز؛ لأنهما قد يرتفعان بأن يكون مباحاً.
[١] ما بين المعقوفين من حاشية الشريف.