فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  ومنها: احتياجه إلى قرينتين بحسب المعنيين، بخلاف المجاز فإنه يكفي فيه قرينة واحدة.
  وأما فوائد المجاز فمنها: كونه أبلغ(١) وأوجز وأوفق للطبع وللمقام ويتوصل به إلى أنواع البديع.
  قيل: ما عد من فوائد المجاز إنما يصلح مرجحاً لو لم يوجد في المشترك، وقد وجد، فإنه يكون أبلغ إذا اقتضى المقام الإجمال، وأوجز
(قوله): «فمنها كونه أبلغ[١]» قد ذكر في شرح المختصر وحواشيه بيان ذلك ولم يذكره المؤلف.
(قوله): «أبلغ» أي: أليق بالمقام[٢].
(قوله): «الإجمال» والإبهام مثل أن يقول: اشتر العين[٣] دون أن يقول: الذهب.
(١) قال في فصول البدائع: الأبلغية من البلاغة لا المبالغة كما ظن، نحو اشتعل الرأس شيباً أبلغ بمراتب من شبت. والأوجزية كما في الاستعارة. والأوفقية إما في لفظه للطبع لثقل في الحقيقة كالخنفقيق للداهية، أو عذوبة في المجاز كالروضة للمقبرة، أو تنافر في الحقيقة كالعوسج لطويل العنق من النوق، أو في معناه للمقام لزيادة بيان لاشتماله على الدعوى ببينة، أو تعظيم كالشمس للشريف، أو تحقير كالكلب للحقير، أو ترغيب كما ء الحياة لبعض المشروب، أو ترهيب كالسم لبعض المطعوم. وتلطف الكلام بإفادة اللذة التخيلية الموجبة لمزيد التلقي وسرعة التفهم، نحو رأيت بحراً من المسك موجه الذهب. والتخلص من قذارة الحقيقة كالغائط وكنايات النيك في القرآن. وقوله: «ويتوصل به إلى أنواع البديع» كالسجع في نحو: حمار ثرثار عند وقوعهما فاصلتين بخلاف بليد، وكالطباق في نحو: ضحك المشيب برأسه فبكى بخلاف ظهر، وكالمشاكلة في نحو كلما لج قلبي في هواها لجت في مقتي، بخلاف: زادت، وكالمجانسة في نحو: سبع أرانب وستة سباع بخلاف شجعان، وكصحة الوزن والقافية والروي نحو:
عارضننا أصلاً فقلنا الربرب ... حتى تبدى الأقحوان الأشنب
فإن الربرب ليس كالنسوة والأشنب ليس كالسن الأبيض. (مختصراً من فصول البدائع وغيره). قال في الصحاح: والربرب: قطيع من بقر الوحش. وفي المصباح: الأقحوان بضم الهمزة والحاء: من نبات الربيع له نور أبيض لا رائحة له، وهو في تقدير أفعوان، الواحدة أقحوانة وهو البابونج عند الفرس.
[١] فإن قولك: اشتعل الرأس شيباً أبلغ من شبت. (ح).
[٢] المراد بالبلاغة أنه كدعوى الشيء ببينة لا ما فسره به المحشي. (ح عن خط شيخه). يتأمل في قوله: إنه كدعوى الشيء ... إلخ فالظاهر عدم مناسبة التعليل به هنا.
[٣] هكذا في المطبوع، وفي حاشية السعد: استر العين، دون أن يقول: الذهب أو البصر.