فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما
  كالعين والجاسوس(١)، وأوفق للطبع كالليث المشترك بين الأسد وضرب من العنكبوت والغضنفر، وأوفق للمقام كما إذا أنبأ المشترك عن معنى يناسبه، كالعزة في قول السيد لعبده: هذا عين فاحفظه.
  وكذا التوصل به إلى أنواع من البديع كالتوجيه والإيهام إذا اشتهر في بعض معانيه، وتكثير المعنى بحمله على الجميع(٢).
  وأجيب بأن الغرض من ذكر وجوه الترجيح هو أن الحمل على ما يشتمل
(قوله): «كالعين والجاسوس» فإن العين فيه إجمال وإيجاز بالنسبة إلى الجاسوس وهو يطلق على العين مجازاً فيقال: جاسوس الحس المشترك؛ لأنها تؤدي إليه ما ارتسم فيها من المبصرات.
(قوله): «كالليث فإنه أوفق للطبع» لأنه أعذب من الغضنفر. وقد يتوهم أن الأولى حذف لفظ الأسد، وبما ذكرنا يعرف المراد، فقوله: الغضنفر عطف على الليث.
فإن قيل: المناسب أن يبين كونه أبلغ وأوجز وأوفق من المجاز[١]؛ لأن الكلام فيه.
قلنا: بل المقصود أن المشترك قد يكون أبلغ مثلاً من غيره في الجملة كما أن المبين في المجاز أنه قد يكون أبلغ من غيره وإن لم يكن مشتركاً. ذكره السعد.
(قوله): «هذا عين فاحفظه» ففيه إيماء إلى أنه كالعين الباصرة في العزة.
(قوله): «كالتوجيه» هو إيراد الكلام محتملاً لمعنيين، مثلاً استر عينك. والإيهام وهو أن يذكر لفظ له معنيان قريب وبعيد ويراد البعيد، كما إذا لُعن - بحضور بعض العدول - عدلُ الوقرِ فيقول: افتح العين فإن المولى حاضر، ولو قلت: البصر لفات ذلك.
(قوله): «إذا اشتهر ... إلخ» هكذا في حاشية الشريف، وهو قيد للإيهام حتى يكون المشتهر قريباً والآخر بعيداً، وذلك شرط في الإيهام.
(قوله): «وتكثير المعنى بحمله على الجميع» أي: المعنيين، قال السيد المحقق: إن أريد حمله عليهما معاً فهو وإن اختص بالمشترك لكنه عند من يجوز استعماله فيهما كذلك، وأما عند غيره فلا.
ثم قال: فإن قلت: فليحمل عنده عليهما معاً مجازاً، قلت: فليحمل المجاز أيضاً عليهما لذلك[٢]، ثم قال: وإن أريد حمله على هذا مرة وعلى ذاك أخرى فهو في المشترك ظاهر.
(١) قال في المصباح: تجسسها: تتبعها، ومنه الجاسوس؛ لأنه يتتبع الأخبار ويفحص عن بواطن الأمور، ثم استعير لنظر العين، وقيل في الإبل: أفواهها مجاسها؛ لأن الإبل إذا أحسنت الأكل اكتفى الناظر إليها بذلك في معرفة سمنها. (مصباح).
(٢) عند أئمتنا $ والشافعي.
[١] ويمكن أنه أوفق للطبع من المجاز بأن يراد أنه تجوز بالغضنفر عن ضرب من العنكبوت والعلاقة الضدية فتأمل. (ح عن خط شيخه).
[٢] في حاشية الشريف: كذلك.