هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

صفحة 510 - الجزء 1

  كالعين والجاسوس⁣(⁣١)، وأوفق للطبع كالليث المشترك بين الأسد وضرب من العنكبوت والغضنفر، وأوفق للمقام كما إذا أنبأ المشترك عن معنى يناسبه، كالعزة في قول السيد لعبده: هذا عين فاحفظه.

  وكذا التوصل به إلى أنواع من البديع كالتوجيه والإيهام إذا اشتهر في بعض معانيه، وتكثير المعنى بحمله على الجميع⁣(⁣٢).

  وأجيب بأن الغرض من ذكر وجوه الترجيح هو أن الحمل على ما يشتمل


(قوله): «كالعين والجاسوس» فإن العين فيه إجمال وإيجاز بالنسبة إلى الجاسوس وهو يطلق على العين مجازاً فيقال: جاسوس الحس المشترك؛ لأنها تؤدي إليه ما ارتسم فيها من المبصرات.

(قوله): «كالليث فإنه أوفق للطبع» لأنه أعذب من الغضنفر. وقد يتوهم أن الأولى حذف لفظ الأسد، وبما ذكرنا يعرف المراد، فقوله: الغضنفر عطف على الليث.

فإن قيل: المناسب أن يبين كونه أبلغ وأوجز وأوفق من المجاز⁣[⁣١]؛ لأن الكلام فيه.

قلنا: بل المقصود أن المشترك قد يكون أبلغ مثلاً من غيره في الجملة كما أن المبين في المجاز أنه قد يكون أبلغ من غيره وإن لم يكن مشتركاً. ذكره السعد.

(قوله): «هذا عين فاحفظه» ففيه إيماء إلى أنه كالعين الباصرة في العزة.

(قوله): «كالتوجيه» هو إيراد الكلام محتملاً لمعنيين، مثلاً استر عينك. والإيهام وهو أن يذكر لفظ له معنيان قريب وبعيد ويراد البعيد، كما إذا لُعن - بحضور بعض العدول - عدلُ الوقرِ فيقول: افتح العين فإن المولى حاضر، ولو قلت: البصر لفات ذلك.

(قوله): «إذا اشتهر ... إلخ» هكذا في حاشية الشريف، وهو قيد للإيهام حتى يكون المشتهر قريباً والآخر بعيداً، وذلك شرط في الإيهام.

(قوله): «وتكثير المعنى بحمله على الجميع» أي: المعنيين، قال السيد المحقق: إن أريد حمله عليهما معاً فهو وإن اختص بالمشترك لكنه عند من يجوز استعماله فيهما كذلك، وأما عند غيره فلا.

ثم قال: فإن قلت: فليحمل عنده عليهما معاً مجازاً، قلت: فليحمل المجاز أيضاً عليهما لذلك⁣[⁣٢]، ثم قال: وإن أريد حمله على هذا مرة وعلى ذاك أخرى فهو في المشترك ظاهر.


(١) قال في المصباح: تجسسها: تتبعها، ومنه الجاسوس؛ لأنه يتتبع الأخبار ويفحص عن بواطن الأمور، ثم استعير لنظر العين، وقيل في الإبل: أفواهها مجاسها؛ لأن الإبل إذا أحسنت الأكل اكتفى الناظر إليها بذلك في معرفة سمنها. (مصباح).

(٢) عند أئمتنا $ والشافعي.


[١] ويمكن أنه أوفق للطبع من المجاز بأن يراد أنه تجوز بالغضنفر عن ضرب من العنكبوت والعلاقة الضدية فتأمل. (ح عن خط شيخه).

[٢] في حاشية الشريف: كذلك.