هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الحروف: وضعها ومعناها وما يلحق بذلك]

صفحة 515 - الجزء 1

  فإن الواضع لما قال: صيغة فاعل من كل مصدر⁣(⁣١) لمن قام به مدلوله - علم منه أن ضارباً لمن قام به الضرب وعالماً لمن قام به العلم إلى غير ذلك⁣(⁣٢)، فقد تصور تلك الألفاظ مجملة بمفهوم عام هو مفهوم صيغة فاعل، وهذه المعاني⁣(⁣٣) لتلك الألفاظ بمفهوم عام أيضاً هو مفهوم من قام به مدلول المصدر المشتق منه، فوضع المشتقات وضع عام لأمور مخصوصة بحيث لا يفاد بها إلا تلك الأمور، حتى لا يصح⁣(⁣٤) أن يقال: ضارب ويراد به مفهوم من قام به مدلول مصدر ما، بل مدلول الضرب بخصوصه. وليس المراد من خصوص المعنى⁣(⁣٥) تشخصه


(قوله): «فقد تصور تلك الألفاظ مجملة» إذ لم يلاحظ لفظاً معيناً على التفصيل، بل لاحظها بأمر كلي هو صيغة فاعل، فإنه يندرج تحته كثير من الألفاظ، فتصور اللفظ والمعنى كليهما في المشتقات بوجه عام، وأما المبهمات فعموم التصور في المعنى فقط، لا في الألفاظ فإنها متصورة تفصيلاً؛ إذ هي معدودة.

(قوله): «بمفهوم» متعلق بتصور.

(قوله): «وهذه المعاني» أي: وتصور هذه المعاني.

(قوله): «بحيث لا يفاد بها» أي: بالمشتقات.

(قوله): «وليس المراد من خصوص المعنى تشخصه» دفع لما يقال: قد سبق أن الموضوع له في المشتقات =


(١) يعني ثلاثي الأصول.

(٢) من الخصوصيات مع أنه لم يعتبرها ولم يلاحظها على التفصيل. (سعد).

(٣) أي: التي وضع لها صيغة فاعل.

(٤) في المطبوع: يصلح.

(٥) المذكور في قوله: «لأمور مخصوصة» حتى يلزم أنه يناقض قوله أولاً: والموضوع له عام فتأمل. (من خط الحسين بن القاسم #).

(*) هكذا ذكره أهل حواشي شرح المختصر أوردوه تأويلاً لعبارة العضد، وذلك أنه لما قال: اللفظ قد يوضع وضعاً عاماً لأمور مخصوصة كسائر صيغ المشتقات والمبهمات إلى آخر كلامه، ثم بعد ذلك قال: وكذا إذا قال: هذا لكل مشار إليه مخصوص ... إلخ فجعل وضع المشتقات ووضع أسماء الإشارة كلها وضعاً عاماً لأمور مخصوصة - احتاجوا إلى الفرق بين الخصوصين بأن الخصوص في الأول كونه مندرجاً تحت أمر كلي فيكون جزئياً إضافياً وإن كان في نفسه كلياً، والخصوص في اسم الإشارة شخصياً بكون الموضوع له جزئياً حقيقياً، والمؤلف # ذكر هذا في كلامه جواباً عما يقال: قد سبق له # أن هذا القسم الثاني قد حكم فيه بأن الوضع عام والموضوع له عام، وهاهنا ذكر أن وضع المشتقات وضع عام لأمور مخصوصة فبين العبارتين تنافٍ، فأجاب بمثل ما ذكروه تأويلاً لعبارة شرح المختصر. (عن خط سيلان).