فصل: [فيما يتعلق بمباحث الحاكم]
  بيانه: أن كل واحد من العقلاء يعلم أن له اختياراً في أفعاله، ويجد الفرق بين الاختياري والاضطراري منها كحركتي الصعود والسقوط، ويعلم بالضرورة أن الأولى تستند إلى قدرته واختياره، وأنه لولاهما لم يصدر عنه شيء منها.
  (و) ثانياً: بلزوم (جريه) أي: الدليل (في أفعال(١) الله تعالى) بأن يقال: إن لم يتمكن من الترك فهو الجبر، وإلا فإن لم يتوقف على مرجح فاتفاقي، إلى آخر ما مر(٢)، فقد انتقض الدليل المذكور بأفعاله تعالى.
  (و) ثالثاً: بلزوم (نفي الحسن والقبح الشرعيين(٣)) لأنهما في الشرع من صفات الأفعال الاختيارية أيضاً، فإن حركة المرتعش والنائم والمغمى عليه لا توصف بحسن ولا قبح في الشرع، ويستلزم أيضاً كون التكاليف بأسرها تكليفاً
(قوله): «ويعلم بالضرورة أن الأولى تستند إلى قدرته ... إلخ»: هذا زيادة من المؤلف[١] لم يذكرها ابن الحاجب ولا شراح كلامه في تضعيف الاستدلال؛ لأن استناد الحركة الأولى إلى قدرته إذا كان معلوماً بالضرورة وأنه لولاها لم تصدر عنه تلك الحركة لم يتوجه قوله # فيما يأتي: «وأجيب عن الأول بأن الضروري وجود القدرة لا تأثيرها»؛ لأن استناد الفعل إلى القدرة وتوقف صدوره عليها هو معنى تأثيرها، فكيف يتوجه منعه[٢] فيما يأتي مع الحكم هاهنا بكونه معلوماً بالضرورة؟ فتأمل.
(١) في نسخة: في أفعاله.
(*) مع اتصافها بالحسن، فلم يلزم الحكم، وهو عدم اتصافها بحسن ولا قبح.
(٢) قلت: لكن ينبغي هنا أن يقال: «فإما أن يكون ذلك المرجح من الله تعالى أو لا» بدل قوله فيما سبق: إما أن يكون المرجح من العبد أو لا ... إلخ. (من خط سيلان).
(٣) لأن التكليف لغير المختار وإن كان جائزاً لكنه غير واقع. (تلويح).
[١] هذه الزيادة من المؤلف هي حاصل ما في المتن، وقد نقلوه عن المعتزلة، فقول المحشي: إنه لو كان ضرورياً لما منعوه في قوله: وأجيب عن الأول، فيه نظر؛ لأنه لا يختص بزيادة المؤلف، ولأنه قد صرح بأن إنكار الضرورة مكابرة، ولأنه قد أجاب عن منعهم الضرورة في التأثير ودعواهم أن الضروري وجود القدرة لا تأثيرها - أن وجود القدرة إنما طريقه التأثير، ففي كلامهم مغالطة وعدم إنصاف ... إلخ، والله أعلم. (عن خط سيدنا إبراهيم خالد |. ح).
[٢] ينظر في كلام القاضي، فكلام المؤلف قيم؛ لأن الذي يحصل من كلامه الأول إثبات الضرورة للتأثير لا لوجود القدرة، والذي وقع به الجواب من جانب الأشاعرة أن الضروري وجودها لا تأثيرها، فلا تدافع في كلام المؤلف إلا لو كان من جانب قائل واحد فتأمل. (ح عن خط شيخه).