هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [فيما يتعلق بمباحث الحاكم]

صفحة 553 - الجزء 1

  تعالى مستند إليها وجوباً عندكم، وهي مستندة إلى ذاته بطريق الإيجاب، وإذا وجب الفعل بما ليس اختيارياً له تطرق إليه الإيجاب⁣(⁣١).

  وعن الثالث: بأن ما ذكرتموه لا يدفع الجبر المنافي للاختيار بالضرورة، وجعل بعض الأفعال الواجبة اختيارياً مجرد تسمية تكذبها الحقيقة.

  وعن الرابع: بأنا لا نسلم أن الإرادة من فعل الله تعالى، بل من فعل العبد، ولا يلزم التسلسل؛ لأن المحتاج إليها هو المتوجه إليه قصداً لا الحاصل بتبعية القصد إلى غيره.


(قوله): «بطريق الإيجاب» إذ لو كان صدور الإرادة القديمة بطريق الاختيار لزم أن لا يكون القديم قديماً، فثبت أن استنادها بطريق الإيجاب.

(قوله): «تطرق إليه الإيجاب» فلا يكون بطريق الاختيار.

(قوله): «لا يدفع الجبر» أي: عدم استقلال العبد كما هو مرادهم في هذا المقام حيث يقولون: فعل العبد واسطة بين الجبر والاختيار، فأشار المؤلف # إلى أن لا فرق عند التحقيق.

(قوله): «بالضرورة» متعلق بالمنافي.

(قوله): «بعض الأفعال الواجبة» أي: التي يجب وجودها عند تحقق الإرادة. والمراد بالبعض هو الفعل الشرعي، أي: ما حسنه الشرع أو قبحه كما عرفت.

(قوله): «اختيارياً» قد عرفت أنهم لا يقولون بأن بعض الأفعال اختياري، بل إن وجود القدرة والاختيار في الجملة كاف في بعض الأفعال عندهم وغير كاف في بعضها، وهو العقلي عند المعتزلة لا عندهم، لكن المؤلف بنى هذا الجواب على ما سبق له من إطلاق الشرعي والعقلي، وقد عرفت أنه لا بد فيهما من التقييد كما سبق.

(قوله): «تكذبها الحقيقة» لما عرفت من أنه لا فرق بين وجود القدرة من غير تأثير - وهو المسمى عندهم بعدم الاستقلال - وبين الجبر المحض.

(قوله): «لا نسلم أن الإرادة من فعل الله» لم يذكر المؤلف سند هذا، وهو محقق في موضعه من علم الكلام.

(قوله): «لأن المحتاج إليها» أي: الإرادة.

(قوله): «هو المتوجه» على لفظ اسم المفعول، وهو المراد.

(قوله): «لا الحاصل» وهو الإرادة.

(قوله): «بتبعية القصد إلى غيره» أي: إلى غير الحاصل، وهو المراد. ولو قال: «بتبعية غيره» لكان أولى؛ لأن القصد هو الإرادة، فيكون المعنى حصلت الإرادة بتبعية إرادة الغير، فيعود الإشكال، وهو التسلسل.


(١) لكن في المقصد السادس من الموقف الخامس من كتاب المواقف ما حاصله: أن الأصل عند الأشعرية أن الفعل لا يحتاج إلى الداعي، وأن الترجيح للفعل أو الترك يقع بلا مرجح، فلا يلزمهم ما ذكر هنا من تطرق الإيجاب إلى فعل الله، وإنما لزمهم لما اعترفوا بلزوم المرجح ليتم لهم إلزام المعتزلة بالجبر. (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).