هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 565 - الجزء 1

  وأما التارك الذي هو النائم مثلاً فإن تركه في حال النوم مغاير لتركه حال عدمه، ولا يلحقه بسبب الترك الأول استحقاق ذم أصلاً، فلا يصدق عليها⁣(⁣١) أنه يستحق الذم على تركها بترك آخر⁣(⁣٢)، وهو الترك الحاصل عند عدم النوم. فعلم أن ترك الكفاية والمخير وترك النائم متغايران بالوجه المذكور، أعني التغير وعدمه⁣(⁣٣).

  وملخصه: أن فرض الكفاية والمخير وصلاة النائم خارجة عن الحد بدون ذلك القيد، لكن خروج الأولين بسبب العموم في استحقاق الذم، وخروج الثالث بسبب اعتبار استحقاق الذم للتارك بالترك الذي هو تارك له به، فإذا زيد


(قوله): «فلا يصدق عليها» عبارة الشريف: فلا يصدق على صلاته.

(قوله): «بسبب العموم في استحقاق الذم» للحالين.

(قوله): «الذي هو تارك له به» فالنائم لا يذم لأجل الترك الذي هو تارك له به، فيخرج عن الحد⁣[⁣١].


(١) أي: صلاة النائم. وفي نسخة: عليه، وقد انبنى على هذه النسخة تذكير الضمير في قوله: أنه يستحق الذم على تركه.

(٢) لأن المتغايرين إذا أريد أحدهما ... إلخ.

(٣) قال المحقق الجلال في تقريره: وقد أجيب بأن حالة النوم غير حالة اليقظة، فالترك في إحدى الحالتين غير الترك في الأخرى، والذم إذا تعلق بأحد التركين المتغايرين لم يرد عدم تعلقه بالآخر نقضاً، ولا كذلك الكفاية، فإن الترك حال فعل الغير هو الترك حال عدمه؛ لأن حالة التارك لما تتغير وإن تغير أمر غيرها من فعل غيره أو عدمه فالذم متعلق بهذا الترك الواحد الذي لا تغير فيه. وفيه نظر؛ لأنه فرق من وراء الجمع؛ فإن كون الحالة المتغيرة هي حالة الفاعل - يعني حالة النائم وحالة غيره في الآخر - لا يوجب تعدد الترك؛ لأنه عبارة عن عدم الفعل الحاصل في الحالتين، والفارق طرد لا محالة، فلا مخلص عن كون القيد مستدركاً؛ لأن الكفاية كالموسع والمطلق في أن الكل من الواجب المخير، لا فرق إلا بأن الموسع والمطلق تخيير في الزمان والكفاية تخيير في الفاعل كما سنحققه إن شاء الله تعالى، وسيأتي تحقيق أن الواجب في المخير هو المبهم، وأن المعين لا يتصف بالوجوب قبل الفعل، فتارك الكفاية مع فعل الغير لها ليس تاركاً لواجب، كما أن النائم ليس بتارك لواجب مع نومه، فالوجوب في الأمرين إنما هو مع عدم النوم وعدم فعل الغير للكفاية؛ لأن الوجوب في مثله مشروط بالعدمين المذكورين، والتارك في هاتين الحالتين مذموم لتركه واجباً. (من شرح المختصر).


[١] رجع الأمر إلى اعتبار عناية في الترك، وإلا فهو متواطئ أو مشترك لفظي. (من خط سيدي عبدالله الوزير ح).