هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 566 - الجزء 1

  القيد ارتفع العموم فقط، فيدخل الأول دون الثاني؛ لبقاء مخرجه على حاله⁣(⁣١).

  (و) الواجب (يرادفه الفرض⁣(⁣٢)) عند الجمهور، وقالت (الحنفية) ووافقهم الناصر والداعي: (الفرض قطعي) وهو ما كان دليله قطعي الدلالة⁣(⁣٣) والسند (والواجب ظني) وهو ما كان دليله ظني الدلالة أو السند أو كليهما.

  واعلم أنه لا نزاع في تفاوت مفهومي الفرض والواجب لغة، ولا في تفاوت ما ثبت بدليل قطعي كمحكم الكتاب وما ثبت بدليل ظني كخبر الواحد؛ فإن جاحد الأول كافر لا الثاني، وتارك العمل بالأول فاسق لا الثاني، وإنما النزاع


(قوله): «لبقاء مخرجه» وهو الاعتبار المذكور.

(قوله): «كمحكم الكتاب» الأولى كنص الكتاب؛ إذ المحكم قد يكون ظاهراً على المختار كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

(قوله): «فإن جاحد الأول كافر ... إلخ» ومثل هذا في الفصول وشرحه.


(١) أعني لحوق الذم للتارك بالترك الذي هو تارك به.

(٢) إلا أن في الترادف إشكالاً، وهو أن الذم الذي ذكره في رسم الواجب لازم العقاب، بل هو جزء منه، والعقاب لازم الفسق؛ لامتناع عقاب المؤمن، فالذم لازم الفسق، والواجب الظني لا يفسق تاركه اتفاقاً؛ لأن التفسيق لا يكون إلا بقاطع، فالحق عدم الترادف. (من شرح الفصول للجلال).

(٣) كقراءة القرآن في الصلاة الثابت بقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}⁣[المزمل: ٢٠]، والظني نحو تعيين الفاتحة الثابت بقوله: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)) وهو آحاد، ونفي الفضيلة محتمل ظاهر. والنزاع لفظي عائد إلى التسمية. (عضد).

(*) قال في الجمع وشرحه للمحلي ما لفظه: وهو⁣[⁣١] لفظي عائد إلى اللفظ والتسمية؛ إذ حاصله أن ما ثبت بقطعي كما يسمى فرضاً هل يسمى واجباً؟ وما ثبت بظني كما يسمى واجباً هل يسمى فرضاً؟ فعندهم لا؛ أخذاً للفرضِ من فرض الشيء بمعنى حزه، أي: قطع بعضه، وللواجبِ من وجب الشيء وجبة، أي: سقط، وما ثبت بظني ساقط من قسم المعلوم. وعندنا نعم؛ أخذاً من فرض الشيء: قدره، ووجب الشيء وجوباً: ثبت، وكل من المقدر والثابت أعم من أن يثبت بقطعي أو ظني. ومأخذنا أكثر استعمالاً.


[١] أي: الخلاف. ومثله في شرح المختصر. وقال ابن لقمان: إن الخلاف معنوي، وإن الفرض عند الحنفية يفسق تاركه ويكفر مستحله ويقضى كالصلوات الخمس، والواجب عندهم كالوتر بالعكس من ذلك، وأنه لا يكفر مستحله ولا يفسق تاركه ولا يقضى. وذكر السيد محمد الأمير في إجابة السائل القولين في ثمرة الخلاف، ولم يختر لنفسه شيئاً، وصدر الأول.