هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 571 - الجزء 1

  والمعتزلة وبعض الفقهاء (للاشتراك في خطاب الإيجاب، فلكل منها حظ فيه) يعني أن الشارع قد شرك بين هذه الأشياء كالكفارات الثلاث في الخطاب المفيد للإيجاب، ولفظ «أو» موضوع للتخيير، فبان أن لكل واحد منها حظاً في الوجوب على البدل؛ إذ لا نعني بوجوبها⁣(⁣١) على البدل إلا أنه تعالى أوجبها علينا⁣(⁣٢) وخيرنا في تأدية أيها شئنا، فيجب الحمل عليه؛ لأن الصرف عن المدلول


(قوله): «فلكل منها حظ فيه» أي: في الوجوب، يعني على البدل كما في القسطاس، وكما ذكره المؤلف # في الشرح فيما يأتي حيث قال: فبان أن لكل واحد منها حظاً في الوجوب على البدل. ولا بد من هذا القيد؛ إذ المراد بالاشتراك في خطاب الإيجاب الاشتراك في قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ ...} إلخ [المائدة: ٨٩]؛ لأنه في معنى: فيلزم كفارته ... إلخ، وهذا الاشتراك إنما حصل بلفظ «أو» الموضوعة للتخيير، فقوله: «فلكل منها حظ فيه» تفريع على الاشتراك في خطاب الإيجاب، وكونه على البدل تفريع على الثاني⁣[⁣١]، أعني كون الاشتراك بلفظ «أو».

وقرر المؤلف # الطرف الأول بقوله: يعني أن الشارع، والثاني بقوله: ولفظ أو ... إلخ. وقوله: فبان ... إلخ نتيجة مجموع الأمرين.

(قوله): «ولفظ أو ... إلخ» عطفه على ما قبله - أعني الخطاب أو الإيجاب - غير منتظم، وجعله ابتداء كلام لا يستقيم؛ إذ هو من تتمة ما قبله، ولعل الأظهر أن يكن حالاً⁣[⁣٢] من الإيجاب، ولا يضر خلو الحال من الضمير كما في نظائره.

(قوله): «إذ لا نعني» هذا تفسير للدعوى، أعني وجوب الجميع بدلاً، وقد تقدم تفسيرها بقوله: بمعنى أنه لا يجوز للمكلف ... إلخ، وإنما أعاد تفسيرها هنا ليظهر به انطباق الدليل - وهو الاشتراك في خطاب الإيجاب - على الدعوى، فيكون تعليلاً لترتب قوله: فبان ... إلخ على هذا الدليل، وذلك أنه لما فسر الدليل بأن الشارع شرك بينها في خطاب الإيجاب على البدل الذي هو صفة الخطاب، وجعل النتيجة اشتراكها في الوجوب الذي هو صفة الفعل - بين المؤلف # بقوله: إذ لا نعني ... إلخ أنه لا فرق بين وجوب الجميع الذي هو المدعى وبين إيجاب الشارع لها مع التخيير؛ بناء على أن وجوب الجميع وإيجابها وإن اختلفا بالاعتبار فهما متحدان بالذات، فظهر وجه تكرير المؤلف # لتفسير المدعى بقوله: بمعنى أنه لا يجوز ... إلخ، وبقوله: فبان ... إلخ، وبقوله: إذ لا نعني ... إلخ، وظهر كون قوله: إذ لا نعني ... إلخ علة لما قبله.


(١) يعني حيث قلنا: على الجميع؛ لأنه من الدعوى.

(٢) وكونه أوجبها علينا وخيرنا هو معنى الدليل الذي هو التشريك.


[١] التفريع في الأول ظاهر، وأما قول المحشي: «وكونه على البدل تفريع على الثاني» فلم يتقدم له ذكر حتى يتفرع عليه، اللهم إلا أن يقال: التفريع بحسب نفس الأمر استقام، فتأمل. (ح عن خط شيخه). لعل مراد القاضي ما ذكره المؤلف في الشرح، أعني أن الشارع ... إلخ، وفيها تصريح بالأول والثاني وما تفرع عنهما. (ح. قال: من خط شيخنا علامة الإسلام الخولاني).

[٢] بل الأظهر عطفه على اسم إن من قوله: يعني أن الشارع، والتقدير: يعني أن الشارع قد شرك بين هذه ... إلخ، ويعني أن لفظ أو ... إلخ، ويكون معطوفاً على مفرد، والله أعلم، فتأمل. (عن خط شيخه الحسن بن محمد المغربي).