هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 581 - الجزء 1

  فالأحسن في الفرق ما عرفت قريباً⁣(⁣١).

  واحتجوا ثالثاً بقوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ⁣(⁣٢)}⁣[التوبة: ١٢٢] وهو تصريح بالوجوب على طائفة غير معينة من الفرقة⁣(⁣٣).

  وأجيب: بأن الظاهر يؤول للدليل فيحمل على غير ظاهره جمعاً بين الأدلة، فإنه أولى من إلغاء دليل بالكلية، وقد دل دليلنا على الوجوب على الجميع⁣(⁣٤)، فيؤول هذا بأن فعل طائفة من الفرقة مسقط للوجوب عن الجميع.

  (و) القول بكون البعض الذي يتعلق به الوجوب على الكفاية (معيناً عند الله من تكليف الغافل) وهو باطل؛ لأن علم المكلف بتكليفه بما كلف به شرط في التكليف على ما يجيء إن شاء الله تعالى، والمعين عند الله فقط لا يمكن علمه بأنه مكلف بكذا، وهو ظاهر.


(قوله): «ما عرفت قريباً» من قوله: ولأنه إن أراد بالمبهم ... إلى قوله: لا يعقل تكليفه، كذا نقل عن المؤلف #.

(قوله): «وهو تصريح بالوجوب» لأن لولا الداخلة على الماضي⁣[⁣١] تفيد التنديم واللوم.

(قوله): «للدليل» أي: القاطع الذي لا يحتمل التأويل.


(١) أراد به ما رواه عنه سيلان، إلا أنه تعقب عليه في بعض الحواشي وقال: ينظر في جعله فرقاً. (من خط شيخنا العلامة أحمد بن الحسن بن إسحاق).

(٢) الطائفة: القطعة من الشيء. وقد تطلق الطائفة ويراد بها الفرقة، كقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ...} الآية [الحجرات: ٩]. وقد تطلق الطائفة على الواحد والاثنين، قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ ...} الآية [التوبة: ١٢٢]، والفرقة ثلاثة، فالطائفة واحد واثنان، واحتج به في قبول خبر الواحد. وعلى الثلاثة، قال تعالى: {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ}⁣[النساء: ١٠٢]، والمراد منها الثلاثة؛ بقرينة ضمير الجمع في: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}⁣[النساء: ١٠٢]، وأقله ثلاثة على المختار. وعلى الأربعة، قال تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٢}⁣[النور]، والمراد أربعة؛ لأنهم نصاب البينة في الزنا الذي هو سبب عذابهما. فإن قلت: الضمير أيضاً جمع في آية الإنذار، فأقله أيضاً ثلاثة. قلت: الجمع بالنظر إلى الطوائف التي تجتمع من الفرق. (كرماني).

(٣) هذا باعتبار ظاهر اللفظ، وأما باعتبار المعنى فلا فرق بين هذه الآية وبين أدلة فروض الكفاية فتأمل.

(٤) يعني أن الآية سيقت لبيان ما يسقط الواجب عن الجميع، لا لبيان الواجب على الجميع فقد علم من أدلة أخرى. (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).


[١] نحو: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ}⁣[التوبة: ١٢٢].