هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الأحكام التكليفية]

صفحة 583 - الجزء 1

  مثلاً منطبقاً على الجزء الأول من الوقت والجزء الأخير على الأخير، ولا تكراره في أجزائه، بأن يأتي بالظهر في كل جزء يسعه من أجزاء الوقت، فإن ذلك باطل إجماعاً، وليس في الأمر تعرض للتخيير بين الفعل والعزم، ولا لتخصيصه بأول الوقت أو آخره، ولا بجزء من أجزائه المعينة⁣(⁣١)، بل ظاهره ينفي التخيير والتخصيص؛ ضرورة دلالته على وجوب الفعل بعينه، وعلى تساوي نسبته إلى أجزاء الوقت، فثبت أن (جميع وقت الموسع وقت أداء) له (فالتعيين) لأول الوقت تخييراً بينه وبين العزم أو تعييناً ولآخره (تحكم) باطل، فوجب القول بوجوبه على التخيير في أجزاء الوقت، ففي أي جزء أداه فقد أداه في وقته.

  (و) احتجوا (أيضاً) بأنه لو كان وقته جزءاً معيناً فإما أن يكون أوله أو آخره؛ إذ لا قائل بغيرهما، وحينئذ يلزم أن (يكون الفاعل في غيره مقدِّماً أو قاضياً)


(قوله): «بل ظاهره» أي: الأمر.

(قوله): «وقت أداء» هكذا عبارة ابن الحاجب، وكان الأولى أن يقال: جميع وقت الموسع⁣[⁣١] متعلق للوجوب؛ إذ الكلام في الوجوب لا في كونه وقت أداء؛ إذ التأدية أعم من الوجوب، فإن القائلين بأن وقته أوله منهم من يقول: بأن ما بعده وقت تأدية لا وجوب، والمؤلف قد عاد في العبارة إلى ما هو المقصود حيث قال: وقيل: متعلق الوجوب أوله، وقوله: متعلق الوجوب آخره. وعبارة الفصول: الموسع يتعلق الوجوب بجميعه على سواء.

(قوله): «ولآخره» عطف على لأول الوقت، يعني والتعيين لآخر الوقت.

(قوله): «واحتجوا» قال بعض المحققين⁣[⁣٢]: الدليل الأول عام، وهذا إنما ينفي الثاني والثالث.

(قوله): «يكون الفاعل في غيره» الضمير عائد إلى المعين الدال عليه قوله سابقاً: فالتعيين تحكم.

(قوله): «مقدماً» اعترض بعض المحققين بأنهم وإن صرحوا بأن وقت الأداء هو آخر الوقت لكن صرحوا بأن ما فعل في أول الوقت كان نفلاً يسقط به الفرض، وهذا بخلاف تقديم صلاة الظهر⁣[⁣٣] على الزوال، وهذا موافق لما نقله عنهم فيما يأتي من أنه عندهم إما نفل يسقط به الفرض أو واجب معجل.

(قوله): «أو قاضياً» لو قال: أو قاضياً فيعصي لكان أولى؛ لأنه العمدة في الاحتجاج؛ ولهذا اقتصر في الشرح على قوله: والتأخير عصيان.


(١) إنما غير العبارة فلم يقل: أو جزء من أجزائه كما قال: أو آخره؛ لينبه على أن قوله: ولا بجزء إنما ذكره لتمام التقسيم وإلا فلم يقل به أحد. (من خط السيد العلامة عبدالقادر). ومعناه في بعض الحواشي.


[١] لعل وجه التعبير بقوله: «وقت أداء» الإشارة إلى الملازمة بين وقت الأداء ووقت الوجوب، ففيه إلزام لمن يفرق بينهما من أهل الأقوال الآتية، والله أعلم، تأمل. (ح عن خط شيخه).

[٢] هو ميرزاجان. (ح).

[٣] فوقت الظهر عندهم ثلاثة أقسام: ما يصح فيه ويكون أداء، وهو آخر الوقت. وما يصح فيه ولم يكن أداء، لكن مسقطاً للأداء، وهو أول الوقت. وما لا يصح أصلاً، وهو وقت الضحى مثلاً. وتقديم الفعل على وقته المقدر له شائع في الشرع، كما في الزكاة المعجلة قبل وقتها، وتقديم غسل الجمعة قبل يوم الجمعة عند الإمامية، إلى غير ذلك. (ميرزاجان).