فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  تعقل الموجِب له(١)، وإلا أدى إلى الأمر بما لا يَشْعُر به، وهو باطل؛ للقطع بإيجاب الفعل مع الذهول(٢) عن لوازمه.
  وأيضاً يستلزم امتناع التصريح بأنه غير واجب، ونحن نقطع بإمكانه.
  وأيضاً يستلزم أن يعصي بتركه، ومعلوم أن تارك غسل جزء من الرأس إذا لم يحصل بدونه غسل جميع الوجه إنما يعصي بتركه بعض الوجه لا بعض الرأس.
  وأيضاً يستلزم صحة قول أبي القاسم البلخي في نفي المباح؛ لأن فعل الواجب - وهو ترك الحرام - لا يتم إلا به(٣) فيجب، وهو باطل إجماعاً.
  وأيضاً يستلزم وجوب نية المقدمة، ولا تجب إجماعاً(٤).
  (و) الجواب عما احتج به لوجوب الشرط(٥) الشرعي: بأنا (لا) نسلم أنه
(قوله): «وهو باطل» أي: لزوم التعقل.
(قوله): «وأيضاً يستلزم» فاعل يستلزم ضمير يعود إلى وجوب الغير بما وجب به الواجب.
وعبارة شرح المختصر: وأيضاً لو استلزم وجوب الواجب وجوبه لامتنع ... إلخ، ووجه لزوم الامتناع أداؤه إلى اجتماع الوجوب وعدمه فيه.
(قوله): «ونحن نقطع بإمكانه» أي: بصحة وجوب غسل الوجه ونفي وجوب غيره، فنقول: لم يجب غسل شيء من الرأس.
(١) أي: الطالب. (جلال). ولفظ حاشية: من إضافة المصدر إلى فاعله. (منه). والجار والمجرور متعلق بتعقل لا بالموجب. (إملاء). أي: يتعقله من أوجبه.
(٢) عبارة فصول البدائع: مع عدم الالتفات إلى لوازمه عقلاً أو عرفاً، وعبارة الذهول إنما تصح في الشاهد دون الغائب، بخلاف الشرط الشرعي فإن الآمر طلب إيقاع الواجب مشروعاً، وذلك بملاحظة[١] ما له من الأركان والشرائط الشرعية.
(٣) عبارة الجلال: لا يتم فعل الواجب إلا بترك كل ضد، ولا ترك المحرم إلا بفعل واحد من أضداده التي منها المباح، فيكون فعل المباح وتركه واجبين، غايته أن يكون واجباً مخيراً بينه وبين غيره.
(٤) فإن المتوضئ إنما ينوي غسل الوجه لا غسل جزء من الرأس. (جلال).
(*) وثمرة الخلاف: هل يتناوله الأمر بذلك الواجب ويوصف بالوجوب ويثاب بفعله ويعاقب بتركه. (فصول).
(٥) «الشرط» ساقط من المطبوع.
[١] في فصول البدائع: بملاحظته.