هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 607 - الجزء 1

  يلزم من حصول المشروط من دون شرطه الذي يجب بما وجب به (حصول) لجميع ما أُمِرَ به (إن أراد⁣(⁣١) ولو) كان⁣(⁣٢) مأموراً به (بأمر آخر) لجواز أن


(قوله في المتن): «لا حصول» هو مبني على الفتح اسم لا، وفي الشرح مرفوع فاعل يلزم، فاختلفت العبارتان إعراباً وبناء. وأما قوله: إن أراد فقيد للحصول؛ إذ هو الجزاء في المعنى، وفي الشرح قيد لقوله: لا نسلم ... إلخ، والأمر في ذلك سهل.

(قوله): «لا نسلم أنه يلزم من حصول المشروط من دون شرطه حصول لجميع ما أمر به ... إلخ» هذا دفع للمقدمة التي ذكرت سابقاً لبيان الملازمة، وهي قوله: لحصول جميع ما أمر به بدون الشرط، وهي كما في شرح المختصر حيث قال: لو لم يجب الشرط لم يكن شرطاً؛ إذ بدونه يصدق أنه أتى بجميع ما أمر به فيجب صحته، ولم يذكر في تلك المقدمة هذا الاستلزام المشار إليه بقوله: أنه يلزم ... إلخ حتى يقال في دفعه: لا نسلم أنه يلزم ... إلخ، بل كان المطابق أن يحذف قوله: أنه يلزم ويقول: لا نسلم أن حصول المشروط بدون الشرط حصول لجميع ما أمر به.

(قوله): «إن أراد ... إلخ»: أي: إن أراد أنه أتى بجميع ما أمر به لو كان ما أمر به - وهو الشرط - مأموراً به بأمر آخر.

(قوله): «ولو بأمر آخر» لو بمعنى إن كما في: ولو بالصين، وهو قيد لأراد ولمعموله المقدر، فيكون التقدير: إن أراد أنه أتى بجميع ما أمر به ولو بأمر آخر. وقد يتوهم أنه قيد لقوله: لا حصول⁣[⁣١]، وليس كذلك؛ إذ فيه اختلال يظهر بالتأمل. وعبارة السعد وصاحب الجواهر: لا معنى لشرطية الشيء سوى حكم الشارع أنه يجب الإتيان به عند الإتيان بذلك الواجب، كالوضوء للصلاة، فعلى هذا لا يخلو إما أن يراد بقوله: إذ يصدق بدونه أنه أتى بجميع ما أمر به مطلقاً سواء كان بذلك الأمر أو بأمر آخر أو أنه أتى بجميع ما أمر به بالأمر المتعلق بأصل الواجب. فإن أريد الأول فلا نسلم أن الإتيان بالمشروط دون الشرط إتيان بجميع ما أمر به، وإنما يصح لو لم يكن مأموراً به بأمر آخر. وإن أراد الثاني فلا نسلم أنه إذا أتى بجميع ما أمر به تجب صحته، وإنما تجب صحته لو لم يكن له شرط أوجبه الشارع. وبعبارتهما يتضح المراد من كلام المؤلف #، وهذا ما نبهناك عليه سابقاً من أن المؤلف اعتمد فيه على أن الشرط مأمور به بأمر آخر.


(١) أي: إن أراد المستدل بقوله: جميع ما أمر به ما كان مأموراً به بذلك الأمر الذي ثبت به أصل الواجب بل ولو كان مأموراً به بأمر آخر، ومنع هذا الوجه ظاهر، وأما إن لم يرد ذلك بل أراد ما كان مأموراً به بنفس الأمر المتعلق بالواجب فلا نسلم الصحة التي ادعاها بقوله: فيصح حينئذ، وإنما نسلمها لو لم يكن له شرط، ونحن لا نعقل شرطيته إلا بخطاب آخر يتضمن أن شرط الواجب واجب وشرط المندوب مندوب، فلا نسلم الصحة إلا مع عدم الشرطية، والمفروض خلافه. (من إفادة السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد ومن خطه نقل).

(٢) أي: الشرط كما هو صريح حاشية السعد على شرح العضد.


[١] يقال: مؤدى عبارة المؤلف # أنه إن أراد أن وجوب ذلك الشرط بأمر آخر فلا نسلم الإتيان بجميع ما أمر به، وإن أراد وجوبه بما وجب به الأصل فلا نسلم الصحة، فظاهر عبارة المؤلف أنه قيد للحصول، والتقدير: إن كان بأمر آخر فلا حصول، وتعلق أراد بقوله: ولو بأمر آخر تعلق المفعول، والمعنى إن أراد هذه الشرطية⁣[⁣٠]، فتأمل في ذلك، فلم يظهر كلام القاضي، والله أعلم. (ح عن خط شيخه الحسن بن إسماعيل). وقد شكل بعضهم على قوله: مؤدى، وعلى قوله: والتقدير ... إلخ، فيتأمل في وجهه.

[٠] وهي قوله: ولو بأمر آخر، فهو في قوة إن ثبتت شرطيته بأمر آخر فلا نسلم حصول جميع ما أمر به، وإن أراد أنها ثبتت شرطيته لا بأمر آخر بل بالأمر المتعلق بأصل الواجب فلا نسلم صحة ما أتى به، فالظاهر أن قوله: ولو بأمر قيد للحصول ومفعول لأراد فتأمل، والله أعلم. (ح عن خط شيخه).