فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  يجب بغير ما وجب به المشروط (وإلا) يرد ذلك بل أراد الأمر المتعلق بأصل الواجب (فلا) نسلم (صحة) ما أتى به وإن صدق عليه أنه أتى بجميع ما أمر به بهذا المعنى، وإنما تلزم الصحة لو لم يكن له شرط(١) أوجبه الشارع بأمر آخر.
  (و) الجواب عما احتج به لعدم وجوب غير الشرط الشرعي(٢): أما الأول فبأنا (لا) نسلم أنه (يلزم التعقل(٣)) لكل واجب على الإطلاق، إنما يلزم تعقل ما يجب بالأصالة لا بالواسطة (ثم هو(٤) منقوض بالشرط) لإمكان إجرائه فيه، فهو مشترك الإلزام.
  وأما الفرق بأن الشارع لما جعل الفعل موقوفاً على الشرط الشرعي فقد جعله
(قوله): «وإلا يرد ذلك بل أراد الأمر المتعلق ... إلخ» أي: بل أراد أنه أتى بجميع ما أمر به بالأمر المتعلق بأصل الواجب، ولو قال: بل بالأمر المتعلق ... إلخ لكان أحسن؛ لأنه مقابل لقوله: بأمر آخر.
(قوله): «بهذا المعنى» أي: إرادة أنه أتى بجميع ما أمر به بالأمر المتعلق بأصل الواجب، هذا تقرير كلام المؤلف #، وقد عرفت مما سبق عن بعض أهل الحواشي ما تتم به الملازمة في قول ابن الحاجب: لو لم يجب الشرط لم يكن شرطاً، فتأمله.
(قوله): «أما الأول» يعني من الوجوه الخمسة التي احتج بها ابن الحاجب على نفي وجوب غير الشرط الشرعي.
(قوله): «إنما يلزم تعقل ما كان واجباً بالأصالة ... إلخ» حاصله منع الملازمة المشار إليها بقوله: وغيره يستلزم وجوبه تعقله.
(قوله): «وأما الفرق» أي: بين الشرط وغيره كما ذكره الشريف في حاشيته.
(١) لصاحب التفصيل أن يجيب عن هذا الطرف بأنا فرضنا الكلام على تقدير انتفاء الأمر بالشرط والأمر بما يتوقف المأمور به عليه عقلاً، وذهبنا إلى التفصيل حيث لا يكون ثمة إلا مجرد حكم العقل بالتوقف ومجرد إخبار الشارع بالتوقف من غير إلزام لفعل الشرط، وفرقنا بين مجرد حكم العقل ومجرد حكم الشرع بالتوقف، وأما مع الأمر بالشرط فذلك أمر آخر وواجب مستقل وليس ما قصدناه، والله أعلم.
(٢) من العقلي والعادي.
(٣) ولأن النزاع إن كان في الوجوب الشرعي فانتفاء علم الله تعالى به معلوم بطلانه بالضرورة؛ لإحاطة علمه، وإن كان فيما هو أعم منه فإنما يلزم تعقل مطلق ما لا يتم إلا به لا جزئياته، كما لا يلزم في تعقل الأمر بالمطلق تعقل جميع جزئياته. (عصام المحصلين للجلال قدس سره).
(٤) قوله: «ثم هو» أي: الدليل «منقوض بالشرط» أي: الشرعي «لإمكان إجرائه» أي: الدليل «فيه» أي: في الشرط الشرعي.