فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  من تتمته، فإذا طُلِبَ الفعلُ فقد طلب من حيث هو موقوف عليه - ففيه(١) أن جعل الفعل موقوفاً عليه لا يعقل إلا بخطاب من الشارع خاص، وحينئذ يكون واجباً بالأصالة ويخرج عن البحث.
  وأما الثاني: فغسل جزء من الرأس مثلاً ليس واجباً على كل واحد، إنما يجب على العاجز عن غسل الوجه بدون جزء من الرأس دون القادر، وحينئذ لا نسلم
(قوله): «فقد طلب» أي: الفعل «من حيث هو» أي: الفعل «موقوف على الشرط»، وحاصله أن الفعل طلب من حيثية ما هو موقوف عليه، بأن يكون إيقاعه على الوجه المشروع باشتماله على جميع الأركان والشرائط الشرعية، فيكون تعقله لازماً للموجب.
(قوله): «ففيه» أي: في هذا الفرق «أن جعل الفعل موقوفاً عليه» أي: على الشرط «لا يعقل إلا بخطاب خاص» بالشرط «وحينئذ يكون» الشرط «واجباً بالأصالة ويخرج عن البحث» لأن النزاع كما عرفت فيما لم يتعلق به أمر آخر. فالمؤلف # قد بنى هذا الكلام على ما ذكره الشريف كما عرفت، وقد تقدم له خلافه حيث قال: وإنما تلزم الصحة لو لم يكن له شرط أوجبه الشارع بأمر آخر كما ذكره السعد؛ محاولة منه # لتمام ما يأتي له من التفصيل من عدم وجوب الشرط الشرعي ووجوب غيره، وقد عرفت من المنقول عن بعض أهل الحواشي أن مجرد جعل الشيء شرطاً لا يفيد وجوبه ما لم يلاحظ كونه شرطاً للواجب[١]، فلا يخرج بذلك عن البحث.
(قوله): «وأما الثاني» يعني: وأما الجواب عن الوجه الثاني من الوجوه الخمسة. وكذا التقدير في قوله: وأما الثالث، وأما الرابع، وأما الخامس، وهذه الأجوبة ذكرها الشارح العلامة كما ذكره السعد.
(قوله): «دون القادر» هكذا عبارتهم، وقررها المؤلف، ولعل ذلك على سبيل الفرض[٢]، وإلا فهو ممتنع؛ إذ بينهما جزء لا ينقسم.
(١) حُكْم العلامة سيلان المحشي | بالتنافي بين قول ابن الإمام قدس الله روحه: وإنما تلزم الصحة ... إلخ وقوله: ففيه أن جعل الفعل ... إلخ - لم يظهر وجهه، والذي ظهر أن ابن الإمام بنى على أن الشرط الشرعي وجب بدليل خارجي خاص غير ما وجب به المشروط، وهذا ظاهر من قوله: وإنما تلزم الصحة ... إلخ، وقوله: ففيه ... إلخ ليس فيه ما ينافي ذلك؛ إذ معناه: أن قولكم: إن الشارع لما جعل الفعل موقوفاً على الشرط الشرعي ... إلخ ما ذكرتم غير مسلم؛ إذ لا يتم كون الشارع جعل الفعل موقوفاً عليه إلا بخطاب من الشارع خاص، وحينئذ يكون واجباً بالأصالة ويخرج عن البحث، وهذا ليس فيه ما ينافي كون الشرط الشرعي وجب بدليل خاص. اهـ والخروج عن البحث إنما يضر القائل بوجوب الشرط الشرعي بما وجب به الواجب لا من يقول بوجوبه بدليل خاص فهو باقٍ على خروجه عنه، والله أعلم.
[١] قوله: ما لم يلاحظ كونه شرطاً للواجب» مثلاً نية الصوم لما جعلها الشارع شرطاً في الصوم الواجب والتطوع لم يستفد وجوبها من مجرد جعلها شرطاً فيهما، وإلا لوجبت في التطوع، بل من كونها شرطاً للواجب فقط، والله أعلم. (حسن بن يحيى من خط العلامة أحمد محمد).
[٢] الفرض لا يقوم بالمقصود من انتفاء امتناع التصريح بعدم الوجوب؛ إذ لا يمتنع التصريح في الواقع، وهو كاف في ثبوت الاستدلال، وأما كون بينهما جزء لا ينقسم فغير مسلم؛ إذ ذلك غير عادي. (لسيدي حسن الكبسي).