هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 618 - الجزء 1

  وندب⁣(⁣١)؛ لأن الطاعة⁣(⁣٢) فعل المأمور به وغيره، وقسمته باعتبار تعلق الصيغة⁣(⁣٣).

  ولا الاحتجاج على النفي بأنه لو كان مأموراً به لكان تركه معصية، ولما صح «لأمرتهم بالسواك»؛ لأن المراد أمر الإيجاب فيهما.


(قوله): «لأن الطاعة ... إلخ» هذا علة لعدم تمام الاحتجاج الأول، وبيانه: أن من يخص الأمر بالجازم يجيب بأن المستدل إن أراد بالطاعة ما يتوقع الثواب على فعله منع الكبرى، أعني: وكل ما هو طاعة فهو مأمور به؛ إذ الطاعة عنده فعل المأمور به أو المندوب إليه، وهذا معنى قول المؤلف: لأن الطاعة فعل المأمور به وغيره، وقد اقتصر المؤلف # على دفع الاحتجاج بمنع الكبرى بناء على أن الطاعة ما يتوقع الثواب على فعله، وقد يدفع الاحتجاج بمنع الصغرى كما أشار إليه بعض المحققين⁣[⁣١] بأن يقال: وإن أراد بالطاعة فعل المأمور به منع الصغرى، أعني أن المندوب طاعة.

(قوله): «وقسمته باعتبار تعلق الصيغة» هذا علة لعدم تمام الاحتجاج الثاني. وبيان ذلك أن يقال: الاستدلال باتفاق أهل اللغة على أن الأمر ينقسم إلى أمر إيجاب وندب إنما يتم لو أرادوا تقسيم ما يطلق عليه (أ م ر) حقيقة، وليس كذلك، بل مرادهم تقسيم الصيغة التي تسمى أمراً عند النحاة في أي معنى كان؛ بدليل أنهم يقسمون الأمر إلى الإيجاب والندب والإباحة وغيرها مما لا نزاع في أنه ليس مأموراً به حقيقة.

(قوله): «ولا الاحتجاج على النفي» أي: ولا يتم الاحتجاج على نفي كون المندوب مأموراً به بأنه لو كان مأموراً به لكان تركه معصية.

وبيان الاحتجاج به أنه لا معنى للمعصية إلا مخالفة الأمر بترك المأمور به.

(قوله): «ولما صح ... إلخ» عطف على لكان تركه معصية، وبيان الاحتجاج به: أنه لو كان مأموراً به لما صح قوله ÷: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة))؛ لأن المعنى: لكن لم آمرهم، مع أنه ÷ قد ندبهم إليه، فلو كان المندوب مأموراً به لناقض قوله: لم آمرهم، ولأن الوجوب هو الذي يتضمن⁣[⁣٢] المشقة دون الندب.

و (قوله): «لأن المراد ... إلخ» هذا بيان لعدم تمام الاحتجاج بهما، وتقريره أن القائل: بأن الأمر للمشترك يجيب بأن المعصية مخالفة أمر الإيجاب، وقوله ÷: «لأمرتهم)) أي: أمر إيجاب، وكلاهما على سبيل المجاز⁣[⁣٣]، وأنه وإن كان خلاف الأصل وجب المصير إليه بالدليل الذي ذكرنا، هذا تقرير ما قصده المؤلف #.


(١) باتفاق أهل اللغة، ومورد القسمة مشترك. (عضد).

(٢) قوله: «لأن الطاعة ... إلخ» أي: عند من يخص (أ م ر) بالطلب الجازم، وقوله: «فعل المأمور به» أي: حتماً كالواجب «وغيره» أي: غير المأمور به حتماً كالمندوب.

(٣) أي: التي تسمى أمراً، يدل على ذلك قسمتهم للأمر إلى الإيجاب والندب وغيرهما مما لا نزاع أنه غير مأمور به حقيقة. (منه). قوله: «أي التي تسمى أمراً» في حاشية السعد: عند النحاة في أي معنى كان.


[١] لفظ الجواهر: ثم إن الفاضل الأصفهاني اعترض على الدليل الأول بأنه إن أريد بالطاعة ما يتوقع الثواب على فعله فالصغرى مسلمة والكبرى ممنوعة؛ لأن الطاعة بهذا المعنى لا تقابل المعصية؛ لأن تاركه لا يستحق الذم، وإن أريد بها فعل المأمور به فالكبرى مسلمة لكن الصغرى ممنوعة. وعلى الثاني بأن المختار هو أن الأمر بالحقيقة للوجوب، فإذا أطلق على الندب كان مجازاً، ونحن نمنع إطلاق المأمور به على المندوب بالحقيقة ونسلم إطلاقه عليه بالمجاز ... إلخ. (ح).

[٢] وقوله: «ولأن الوجوب هو الذي يتضمن» مضروب على الواو في العضد، وهو الظاهر. (ح عن خط شيخه).

[٣] لأنه قد يستعمل المطلق في الخاص - وهو أمر الإيجاب - من حيث خصوصه فيكون مجازاً كما ذلك معروف. (منه ح).