هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الأحكام التكليفية]

صفحة 620 - الجزء 1

[المحظور]

  مسألة: (المحظور) في اللغة: الممنوع، وفي الاصطلاح: (ما يذم فاعله) فتخرج الأحكام الأربعة. (ويرادفه القبيح والحرام).

  مسألة: هل يكون شيء واحد واجباً ومحرماً معاً؟ وتحصيل الكلام: أن الوجوب والتحريم إن تعدد متعلقهما فلا خلاف في جوازه.

  وإن اتحد⁣(⁣١) جنساً فكذلك أيضاً، بأن يجب فرد ويحرم فرد كالسجود لله وللصنم، إلا عند بعض المعتزلة⁣(⁣٢)، وهم القائلون بأن حسن الفعل وقبحه لذاته.

  وإن اتحد شخصاً فإما أن تتحد جهة الوجوب والتحريم أوْ لا، إن اتحدت


(قوله): «في اللغة الممنوع» وأصله المحظور منه، فحذف الجار واستتر الضمير.

(قوله): «إن تعدد متعلقهما» يعني جنساً؛ بقرينة قوله: وإن اتحد جنساً. وأما التعدد الشخصي مع التعدد الجنسي فلم يتعرض لذكر حكمه⁣[⁣١] لظهوره، فقوله: «وإن اتحد جنساً» مقابل للمتعدد جنساً.

وأما قوله فيما يأتي: «وإن اتحد شخصاً» فمن أقسام المتحد جنساً، فهو مقابل لمقدر، كأنه قال: وإن اتحد جنساً فإن تعدد شخصاً، وقد أشار إلى بيان حكمه بقوله: بأن يجب فرد ويحرم فرد. ولو قال المؤلف #: الشيء إما أن يكون واحداً بالجنس أو بالشخص، إن كان الأول تعلق الوجوب والتحريم بأفراده؛ بأن يجب فرد ويحرم فرد ... إلخ، وإن كان الثاني فإما أن تتحد جهة الوجوب ... إلخ لكان أظهر، والله أعلم.

(قوله): «وهم القائلون بأن حسن الفعل وقبحه لذاته» محتجين بأن حقيقة الحسن منافية لحقيقة القبح، فلو اجتمعا في فعل واحد بالنوع لزم أن تكون الحقيقة الواحدة - وهي ذات الفعل - مقتضية للمتنافيين، وأنه محال كما ذكره في الجواهر.

(قوله): «وإن اتحد» أي: متعلقهما.


(١) أي: متعلقهما، وجنساً أي: حقيقة، بحيث لا يتعدد إلا أشخاصاً؛ إذ الجنس هو النوع كما تقرر عند المعقوليين فافهم.

(٢) فصرف الوجوب والتحريم إلى قصد التعظيم حتى يكون الوجوب لذاته والتحريم لعارض. (عضد ومنتخب). ذكر الآمدي أنهم يقولون: إن السجود مأمور به واجب لله تعالى فلا يكون محرماً، بل المحرم هو قصد تعظيم الصنم⁣[⁣٢]. (سعد). وقد تقدم في الحواشي من كلام الاحتراس أنه لا فرق بين كلام البصرية والبغدادية في المعنى، ولذلك تأوله الإمام يحيى والنجري بمعنى أن ذات الظلم قبيحة لا تخرج عن القبح.


[١] يقال: قد استفيد من تعدد المتعلق في قوله: «إن تعدد متعلقهما فلا خلاف في جوازه» تعدد الشخص والجنس كما يستفاد منه أحدهما. (سيدي حسن الكبسي).

[٢] في المطبوع: قصد التعظيم. والمثبت من حاشية السعد.