فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  عاصٍ لبقائه من وجه.
  فإن قيل: إدامة حكم العصيان عليه تتلقى من ارتكابه نهياً، والإمكان معتبر في المنهيات اعتباره في المأمورات، فكيف الوجه في إدامة معصيته(١) فيما لا يدخل في وسعه الخلاص منه؟
  قلنا: تسببه إلى ما تورط فيه آخراً سبب معصيته، وليس هو عندنا منهياً عن الكون في هذه الأرض مع بذله المجهود في الخروج منها، ولكنه مرتبك(٢) في المعصية مع انقطاع تكليف النهي عنه. انتهى كلامه.
  (والقول بتحريمه) أي: تحريم الخروج من المغصوب بشرطه(٣) (أبعد) مما قبله، بل هو من محال التكليف؛ لاتحاد متعلق الوجوب والتحريم، وهذا
(قوله): «عاص لبقائه من وجه» أي: لبقاء الخارج في ملك الغير؛ ولذا قال فيما سبق: وليس خارجاً عن العدوان والمظلمة؛ لأنه كائن في البقعة المغصوبة. فقوله: «من وجه» متعلق بعاص.
وحاصل كلامه: أن فيه الجهتين كالصلاة، لكن قد عرفت الفرق بين الصلاة وبين ما نحن فيه؛ ولذا قال في شرح المختصر: اعتبار الجهتين غلط؛ لأنه لا يمكن الامتثال، فيلزم تكليف المحال، بخلاف الصلاة فإنه يمكن الامتثال، وإنما جاء الاتحاد باختيار المكلف.
(قوله): «اعتباره في المأمورات» أي: كاعتباره في المأمورات.
(قوله): «فيما لا يدخل في وسعه» أي: في فعل وهو الخروج «لا يدخل في وسعه الخلاص منه» أي: من ذلك الفعل؛ إذ لا يمكنه تفريغ ملك الغير إلا بالخروج الذي هو تصرف فيه.
(قوله): «قلنا: تسببه إلى ما تورط فيه آخراً ... إلخ» قد عرفت معنى هذا الكلام مما سبق، ومعنى ورطه: أوقعه في الورطة، أي: الهلاك، ذكره في الصحاح.
(قوله): «مرتبك» ارتبك الرجل في الأمر: نشب فيه ولم يكد يتخلص منه، كذا في الصحاح.
(قوله): «من محال التكليف» أي: من التكليف المحال.
(١) في (أ، ج) والمطبوع: معصية.
(٢) أي: مشتبك. (محلي).
(*) لتسببه إلى ما ارتبك فيه لا لتعلق النهي بخروجه؛ لأنه واجب، فلو كان منهياً عنه لكان منهياً عما ليس في وسعه. (أبهري). حتى لو وقع بالإجبار سقط عنه الغصب[١]. (فصول بدائع).
(٣) من السرعة ... إلخ ما تقدم.
[١] في فصول البدائع: سقط عنه المعصية.