هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 637 - الجزء 1

  عاصٍ لبقائه من وجه.

  فإن قيل: إدامة حكم العصيان عليه تتلقى من ارتكابه نهياً، والإمكان معتبر في المنهيات اعتباره في المأمورات، فكيف الوجه في إدامة معصيته⁣(⁣١) فيما لا يدخل في وسعه الخلاص منه؟

  قلنا: تسببه إلى ما تورط فيه آخراً سبب معصيته، وليس هو عندنا منهياً عن الكون في هذه الأرض مع بذله المجهود في الخروج منها، ولكنه مرتبك⁣(⁣٢) في المعصية مع انقطاع تكليف النهي عنه. انتهى كلامه.

  (والقول بتحريمه) أي: تحريم الخروج من المغصوب بشرطه⁣(⁣٣) (أبعد) مما قبله، بل هو من محال التكليف؛ لاتحاد متعلق الوجوب والتحريم، وهذا


(قوله): «عاص لبقائه من وجه» أي: لبقاء الخارج في ملك الغير؛ ولذا قال فيما سبق: وليس خارجاً عن العدوان والمظلمة؛ لأنه كائن في البقعة المغصوبة. فقوله: «من وجه» متعلق بعاص.

وحاصل كلامه: أن فيه الجهتين كالصلاة، لكن قد عرفت الفرق بين الصلاة وبين ما نحن فيه؛ ولذا قال في شرح المختصر: اعتبار الجهتين غلط؛ لأنه لا يمكن الامتثال، فيلزم تكليف المحال، بخلاف الصلاة فإنه يمكن الامتثال، وإنما جاء الاتحاد باختيار المكلف.

(قوله): «اعتباره في المأمورات» أي: كاعتباره في المأمورات.

(قوله): «فيما لا يدخل في وسعه» أي: في فعل وهو الخروج «لا يدخل في وسعه الخلاص منه» أي: من ذلك الفعل؛ إذ لا يمكنه تفريغ ملك الغير إلا بالخروج الذي هو تصرف فيه.

(قوله): «قلنا: تسببه إلى ما تورط فيه آخراً ... إلخ» قد عرفت معنى هذا الكلام مما سبق، ومعنى ورطه: أوقعه في الورطة، أي: الهلاك، ذكره في الصحاح.

(قوله): «مرتبك» ارتبك الرجل في الأمر: نشب فيه ولم يكد يتخلص منه، كذا في الصحاح.

(قوله): «من محال التكليف» أي: من التكليف المحال.


(١) في (أ، ج) والمطبوع: معصية.

(٢) أي: مشتبك. (محلي).

(*) لتسببه إلى ما ارتبك فيه لا لتعلق النهي بخروجه؛ لأنه واجب، فلو كان منهياً عنه لكان منهياً عما ليس في وسعه. (أبهري). حتى لو وقع بالإجبار سقط عنه الغصب⁣[⁣١]. (فصول بدائع).

(٣) من السرعة ... إلخ ما تقدم.


[١] في فصول البدائع: سقط عنه المعصية.