فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  القول مروي عن أبي هاشم، نقل عنه أنه قال: تحريمه من حيث إنه يجامع تصرفاته إضرار بالغير وإفساد قبيح، ثم قال: وإن تاب من ذلك فلا يمكنه أن لا يكون عاصياً، بل هو عاص بعد، ملوم مذموم على مقامه في أرض غيره وعلى خروجه عنها، ثم قال: وهذا وإن كان يشبه(١) إلزام الذم لمن لا يمكنه أن يخرج عنه غير أنه يجوز لأنه الذي ورط نفسه فيه، هذا ما نقل عنه.
  قال الإمام المهدي # في المنهاج: لعل أبا هاشم يريد أنه بدخوله ألجأ نفسه إلى التصرف في ملك الغير حال توبته، فعليه عقاب ذلك الإلجاء مع عقاب المعصية، فلم يخلص في حال خروجه عن عقوبة إلجائه نفسه في الابتداء إلى التصرف في الغصب عند التوبة.
  ونظير ذلك ما ذكره أصحابنا في تضمين راكب الفرس إذا تشمست(٢)
(قوله): «لمن لا يمكنه أن يخرج عنه» أي: عن الذم، يعني بترك المنهي عنه؛ وذلك لأنه لا يمكنه الخلاص إلا بفعله.
(قوله): «غير أنه يجوز» أي: إلزام الذم.
(قوله): «لأنه» أي: من لا يمكنه الخروج.
(قوله): «ورط نفسه فيه» أي: فيما يذم عليه، فالضمير يعود إلى ما دل عليه السياق.
(قوله): «فعليه عقاب ذلك الإلجاء» أضاف العقاب إلى الإلجاء لأنه سبب له، أي: عقاب سببه الإلجاء، وقد عرفت مما سلف في أول البحث أن الخروج ليس هو المعصية، لكن ما نقله المؤلف # عن أبي هاشم[١] مشعر بأن الخروج نفسه هو المعصية حيث قال: إنه يجامع تصرفاته إضرار بالغير وإفساد قبيح، وحيث قال: مذموم على مقامه في أرض غيره وعلى خروجه عنها. فينظر في وجه مناسبة ما ذكره الإمام المهدي # لما نقله المؤلف عن أبي هاشم.
(قوله): «مع عقاب المعصية» يعني قبل التوبة[٢] كما يأتي.
(١) لفظ (يشبه) زائدة هاهنا؛ إذ هو نفس إلزام الذم لا مشبهه، ويدل على هذا قوله: غير أنه يجوز ... إلخ، وهو ظاهر.
(٢) في (أ، د): شمست.
(*) الشموس من الدواب: التي لا تستقر. (من شمس العلوم).
[١] إذا تأملت قوله في البرهان: فإن قيل ... إلخ عرفت وجه مناسبة كلام الإمام لمقالة أبي هاشم. (حسن بن يحيى).
[٢] ينظر في هذا التقييد بقوله: قبل التوبة، وتأمل في مراد الإمام المهدي. (ح عن خط شيخه). وقد شكل على التنظير.