[الأحكام التكليفية]
  أن الترخيص لا بد له من دليل وإلا لم يكن ثابتاً بل الثابت غيره(١)، وهو ما دل عليه الدليل.
  ويخرج بقوله: «على خلاف دليل الوجوب أو الحرمة» الحكم المبتدأ، ومنه وجوب الإطعام في كفارة الظهار عند فقد الرقبة؛ لأنه الواجب ابتداء على فاقدها، كما أن الإعتاق واجب ابتداء على واجدها، ومنه التيمم عند فقد الماء؛ لأنه الواجب في حقه(٢) ابتداء، بخلاف التيمم للحرج(٣) ونحوه فإنه من الرخصة.
  وبقوله: «لعذر(٤)» ما نسخ وجوبه أو تحريمه؛ لأن النسخ لا يسمى عذراً(٥)، وكذا ما خص من عموم دليل الوجوب أو التحريم؛ لأن التخصيص
(قوله): «لأن النسخ لا يسمى عذراً» العذر ما يطرأ في حق المكلف فيمنع حرمة الفعل أو الترك الذي دل الدليل على حرمته.
(١) الحكم ما علق شرعاً أو عقلاً بفعل المكلف ... إلخ، فالدليل معلوم منه، فما لا دليل عليه لم يدخل في جنس الحد، فلا حاجة إلى إخراجه بالثابت. (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).
(٢) فلا يسمى رخصة؛ لعدم ورود التكليف بالوضوء؛ لاستحالة التكليف بالمحال. (من غاية الوصول على المختصر).
(٣) لعل الوجه في جعل التيمم للحرج من الرخصة دون التيمم لعدم الماء مع اتحادهما في الكيفية أخذ التسهيل في مفهوم الرخصة الاصطلاحية لمناسبة المعنى اللغوي، وهذا المعنى موجود في التيمم للحرج دون التيمم لعدم الماء؛ إذ لا تخفيف فيما لا يمكن المكلف غيره لا سيما مع القول بوجوب الطلب لهما، والله أعلم. (من أنظار سيدي العلامة صفي الدين أحمد بن إسحاق |).
(٤) المعنى: وبقوله: «لعذر» الباقي بعدما نسخ من الوجوب أو التحريم لأن النسخ ... إلخ، ولو قال كذلك لكان أولى، والله أعلم. (سيدنا أحمد).
(٥) يرد عليه الحكم الثابت بالناسخ لأجل المشقة، كعدم وجوب ثبات الواحد للعشرة في القتال ونحوه، فإنه حكم ثابت على خلاف دليل الوجوب لعذر المشقة، فإن أجيب بأنه لا يسمى عذراً إلا على المجاز من باب إطلاق اسم المسبب على السبب، قلنا: وكذلك لا تسمى الرخصة عذراً إلا بهذه العلاقة، فلا محيص عن دخول هذا القسم من الناسخ في حد الرخصة وموافقة الحنفية حيث قسموا الرخصة إلى أربعة أقسام وجعلوا ما نسخ عنا من الأحكام تخفيفاً واحداً منها، ولو قيل بأن المنسوخ لا يسمى دليلاً إلا مجازاً لخرج ما نسخ وجوبه أو تحريمه من الحد من غير كلفة، والله أعلم.