فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام
  مبين أن العام لم يتناوله حقيقة، فهو كالحكم المبتدأ، وإن قلنا: إنه يتناوله بحسب الظاهر فالتخصيص لا يسمى عذراً.
  وأما ما ورد على خلاف دليل الندب أو الكراهة فخروجه عن الرخصة ظاهر، وتدل عليه عبارة مختصر المنتهى والفصول وغيرهما، مثل قول البعض: الرخصة ما أبيح فعله مع كونه حراماً(١). وقول آخر: الرخصة ما لم يسلم موجبها عن المانع. وقول آخر: الرخصة جواز الإقدام على الفعل مع قيام المانع.
(قوله): «لم يتناوله حقيقة» مقتضى هذا القيد أنه قد تناوله ظاهراً، فيكون قوله: «فهو كالحكم المبتدأ» يترتب على ما استفيد من هذا القيد، فقوله بعده: «وإن قلنا: إنه يتناوله بحسب الظاهر» لا يخلو عن قلق[١].
(قوله): «فخروجه عن الرخصة ظاهر» لقوله: دليل الوجوب أو الحرمة.
(قوله): «وتدل عليه عبارة مختصر المنتهي» لقوله: ما شرع لعذر مع قيام المحرم لولا العذر.
(قوله): «والفصول» لقوله: مع قيام المحرم أو الموجب ... إلخ.
(قوله): «ما أبيح فعله مع كونه حراماً» هذا غير موافق لما ذكروه في معنى قولهم: لولا العذر كما في الحواشي وشرح الفصول للشيخ | حيث قالوا: ومعنى قوله: لولا العذر أن المحرم كان محرماً والموجب كان موجباً، أي: كان كل منهما مثبتاً لمدلوله في حقه أيضاً لولا العذر، فهو قيد لوصف التحريم والوجوب لا للقيام[٢]. اللهم إلا أن يقال هنا: المراد بقوله: مع كونه حراماً يعني قبل الإباحة فينظر.
(قوله): «ما لم يسلم موجبها» أي: الرخصة، وموجبها هو دليل الوجوب.
(قوله): «عن المانع» وهو العذر، فيفهم منه أنها واردة على خلاف دليل الوجوب لا الندب والكراهة، ويرد هنا أيضاً أنه غير موافق لمعنى قولهم: لولا العذر.
(قوله): «جواز الإقدام» وجه الدلالة في هذا أن قيام المانع عن جواز الإقدام يدل على أن الرخصة وردت على خلاف دليل التحريم، فخرج ما ورد على خلاف دليل الندب والكراهة.
(١) قال الأصفهاني: وهو تناقض ظاهر.
[١] حاصل ما أراده المؤلف # في إخراج التخصيص أنه مبين أن العام لم يتناوله حقيقة فهو كالحكم المبتدأ، والرخصة هي حكم ثان حاصل عن دليل، فخرج التخصيص؛ إذ هو حكم أول. وإن قلنا: إنه يتناوله بحسب الظاهر فالتخصيص لا يسمى عذراً، والعذر مأخوذ في حد الرخصة، فعبارة المؤلف في غاية الحسن ولا قلق فيها، ولعل القاضي | حكم عليها بالقلق نظراً منه أنه قد حصل المراد من إخراج التخصيص عند قوله: فهو كالحكم ... إلخ، وقوله: ,إن قلنا إنه ... إلخ تكرير لما قد فهم من قوله: لم يتناوله حقيقة، وقد عرفت أن المؤلف رتب عليه قوله: فهو كالحكم المبتدأ، ورتب على قوله: وإن قلنا: إنه ... إلخ قوله: فالتخصيص لا يسمى عذراً، فكأنه جواب آخر مبني على تسليم الأول، والله أعلم، فتأمل. (ح عن خط شيخه).
[٢] لم يظهر فرق بين جعل قوله: «لولا العذر» قيداً لوصف التحريم والوجوب وبين جعله قيداً للقيام فتأمل. (ح عن خط شيخه). وعلى قوله: لم يظهر تشكيل بخط ح.
[*] - لأن المراد بقيام المحرم أن دليل الحرمة بقاءه معمولاً به، أي: غير منسوخ، ومن المعلوم أن بقاءه معمولاً به غير مقيد بزمان عدم العذر، بل كون الدليل محرماً في حق ذلك المكلف مقيد بزمان عدم العذر. (ميرزاجان).