هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في حقيقة الحكم وأقسامه وما يتعلق بأقسامه من الأحكام

صفحة 664 - الجزء 1

  وذلك لحكمة في عدمه تنافي حكمة الحكم⁣(⁣١)، كالحول في وجوب الزكاة، فإن وجوبها من دونه يؤدي إلى الإضرار بذي المال إن وجبت دائماً، وبالفقراء إن وجبت مرة فقط.


(قوله): «وذلك لحكمة» الإشارة إلى كون عدمه مانعاً المدلول عليه، فيكون عدم الشرط كالمانع الوجودي الذي يستلزم وجوده حكمة تقتضي نقيض الحكم كما تقدم، وهاهنا عدم الشرط اشتمل على حكمة هي الإضرار بذي المال⁣[⁣١] تنافي حكمة الحكم، وهي مواساة الفقراء. وقد يتوهم أن الإشارة إلى استلزام عدمه عدم الحكم، وذلك باطل؛ إذ الاستلزام لا يتوقف على حكمة، إنما المتوقف عليها اتصاف عدم الشرط بالمانعية.

(قوله): «كالحول» هو الشرط، والحكم وجوب الزكاة، وحكمة الحكم مواساة الفقراء، ذكره في الحواشي، وقد تقدم نقله.

(قوله): «فإن وجوبها من دونه» أي: دون الشرط.

فائدة: اعلم أن ظاهر عبارتهم أن المانع وعدم الشرط بأنفسهما وبمجردهما يقتضيان حكمة، وليس كذلك، بل لا بد من ملاحظة الحكم معهما في اقتضائهما الحكمة، ونظير ذلك الإسكار فإن رعاية المصلحة لا ترتب على مجرده، بل المصلحة تحصل من ترتيب الحكم عليه، وهو التحريم؛ فلما ذكرنا أورد المؤلف # مع عدم الحول وجوب الزكاة فقال: فإن وجوبها من دونه، أي: دون الحول - ليظهر ذلك الترتيب، وبين المؤلف # معنى الوجوب بدون الحول بأحد شيئين: إما دوام الوجوب أو بفعلها. وينظر هل الإضرار بذي المال مناف لحكمة الحكم وهي المواساة أم لا؟ فقد عرفت أنه لا بد من المنافاة بين حكمة المانع وعدم الشرط وبين حكمة الحكم أو السبب، وأما الإضرار بالفقراء فمنافاته لمواساتهم ظاهرة، وقد نقلنا في حاشية على الحاشية كلاماً عن شرح المختصر غير ما ذكره المؤلف فاعرفه بمعونة الله.


(١) عبارة العضد: تنافي حكمة الحكم أو السبب، فالحكم كالقدرة على التسليم، فإن عدمها ينافي حكمة البيع، وهي إباحة الانتفاع. والسبب كالطهارة للصلاة فإن عدمها ينافي تعظيم الباري، وهو السبب لوجوب الصلاة.

قال السعد: ويلزم من هذا أن يكون في عدم القدرة على التسليم حكمة منافية لحكمة حكم البيع؛ إذ تنافي اللوازم يستلزم تنافي الملزومات.

ولفظ ميرزاجان في هذا المقام: فالحكم هاهنا صحة البيع، وحكمته إباحة الانتفاع، والشرط القدرة على التسليم، وعدمها يستلزم حكمة هي عدم إمكان الانتفاع، وهذه الحكمة تنافي صحة البيع وحكمتها⁣[⁣٢].


[١] ينظر في هذا؛ إذ عدم الشرط وهو عدم الحول حكمته عدم الإضرار بذي المال، وهي تقتضي عدم الإخراج، وهو نقيض الحكم، والمنافاة على هذا ظاهرة؛ فلا وجه لتنظير القاضي في القولة الثانية. (ح عن خط شيخه).

[٢] وقال ميرزاجان ما معناه: إن قوله: ينافي حكمة البيع، هو لفظ بعض النسخ، وفي كثير منها: ينافي حكم البيع، قال: والحكم على هذه النسخ بمعنى الحكمة.