هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [المحكوم فيه]

صفحة 678 - الجزء 1

  إلى نفس مفهومه كالجمع بين الضدين⁣(⁣١) والنقيضين وإعدام القديم والحصول في آن واحد في حيزين، أو لا يكون كذلك وإنما استحال لامتناع تعلق قدرة المكلف به لذاتها كخلق الأجسام، أو عادة كالطيران وحمل الجبل العظيم، أو لطرو مانع كتكليف المقيد العدْو والزَّمِن المشي.

  إذا عرفت ذلك فالخلاف على أقوال ثلاثة: الأول: المنع مطلقاً، وهو قول عامة العدلية والغزالي⁣(⁣٢) وابن الحاجب من الأشاعرة والشافعي من الفقهاء⁣(⁣٣).

  الثاني: الجواز مطلقاً، وهو قول جمهور الأشاعرة.

  الثالث: التفصيل، وهو المنع في الممتنع لذاته والجواز⁣(⁣٤) في غيره، وهو اختيار الآمدي.


(قوله): «لذاتها» أي: لذات القدرة، بأن لا يكون من جنس ما تتعلق به، كخلق الأجسام، فإن القدرة الحادثة لا تتعلق بإيجاد الجواهر أصلاً.

و (قوله): «أو عادة» أي: امتنع تعلق قدرة المكلف لا لذات القدرة؛ بأن يكون من جنس ما تتعلق به القدرة، لكن يكون من نوع أو صنف لا تتعلق به، كحمل الجبل والطيران، فإن هذا الصنف من الحمل والطيران لا تتعلق به القدرة الحادثة، لكن تتعلق بجنس الحمل والطيران.

(قوله): «وابن الحاجب» عدم الجواز عند ابن الحاجب إنما هو في الممتنع لذاته⁣[⁣١]، وأما غيره فلم يتعرض لذكره في هذا المقام، وإنما ذكره بعض شراح كلامه ونسب جواز التكليف به إلى جمهورهم، ولا يبعد أن يكون ابن الحاجب من ذلك الجمهور.

(قوله): «وهو قول جمهور الأشاعرة» ومثل هذا في الفصول، والذي في حواشي شرح المختصر نقلاً عن المواقف أن النزاع المشهور بين جمهور الأشاعرة والمعتزلة إنما هو فيما لا يطاق عادة، وأما المحال لذاته فإنما جوزه بعضهم.


(١) كالسواد والبياض، والنقيضين كالزوجية وعدمها، وكما سيأتي في احتجاجهم بتكليف أبي لهب.

(٢) في شرح البرماوي أن الغزالي كالآمدي في القول بالامتناع في المحال لذاته والجواز في المحال للعادة، قال: صرح به في المستصفى، واختاره تقي الدين ابن دقيق العيد في شرح العنوان، فمن نقل عنه أو عن الغزالي أنهما منعا مطلقاً ليس بمصيب. اهـ منه.

(٣) والشيخ أبي حامد الاسفراييني وابن دقيق العيد ذكرهما في جمع الجوامع، ولم يذكر الشافعي وابن الحاجب، لكن مختصر المنتهى مصرح بذلك وإن أوهم سيلان خلافه. (سيدي عبدالقادر بن أحمد).

(٤) قال في المواقف: فهذا - أي: التكليف بما لا يطاق عادة - نجوزه نحن وإن لم يقع بالاستقراء، وتمنعه المعتزلة لكونه قبيحاً عندهم، وبما قررنا من تحرير محل النزاع يعلم أن كثيراً من أدلة أصحابنا مثل ما قالوه في إيمان أبي لهب وكونه مأموراً بالجمع بين المتناقضين نصب للدليل في غير محل النزاع. (ميرزاجان).


[١] الذي يظهر من كلام ابن الحاجب في المختصر عدم الجواز في الممتنع لذاته ولغيره كما نقله عنه ابن الإمام قدس سره حيث قال في أول البحث: شرط المطلوب الإمكان، ثم ساق الخلافات فيه والأدلة، والله أعلم. (أحمد بن إسحاق |. ح).