فصل: [المحكوم فيه]
  أما كبرى الشكل الأول(١) فلأن طلب الشيء فرع عن تصوره قطعاً، وإذا انتفى الأصل انتفى ما يتفرع عليه ضرورة.
  وأما كبرى الشكل الثاني(٢) فلأنه لو تصور لتصور مثبتاً، ويلزم منه تصور الأمر على خلاف ماهيته، فإن ماهيته تنافي ثبوته(٣)، وإلا لم يكن ممتنعاً لذاته، فما يكون ثابتاً متصوراً فهو غير ماهيته.
  وحاصله: أن تصور ذاته مع عدم ما يلزم ذاته لذاته يقتضي أن تكون ذاته غير ذاته، ويلزم قلب الحقائق. ويوضحه(٤): أنا لو تصورنا أربعة ليست بزوج، وكل ما ليس بزوج ليس بأربعة، فقد تصورنا أربعة ليست بأربعة، هذا خلف.
  وما يقال من أن الحكم على اجتماع الضدين بالاستحالة(٥) يستلزم تصوره؛
(قوله): «مع عدم ما يلزم ذاته لذاته» وهو عدم تصوره، فإنه لازم للمستحيل لذاته.
(قوله): «وما يقال من أن الحكم ... إلخ» أورد ابن الحاجب وشراح كلامه على هذا الاستدلال سؤالين أحدهما ما ذكره المؤلف #، ولم يتعرض المؤلف # للسؤال الآخر لطول مباحثه وحقائقها.
(قوله): «يستلزم تصوره» أي: تصور اجتماع الضدين، فيكون الحكم بالاستحالة ملزوم، وتصور الاجتماع لازم، فقوله: «لأن الحكم بثبوت شيء» هو الاستحالة، وقوله: «لشيء» هو اجتماع الضدين =
(١) الشكل الأول هو الذي يكون الحد الأوسط محمول الصغرى وموضوع الكبرى، ونتيجته هي أخذ محمول الأولى وموضوع الثانية.
(٢) الشكل الثاني هو الذي يكون الحد الأوسط محمولاً فيهما، ونتيجته هي أخذ موضوعهما، ولا تكون إلا سالبة. اهـ وصغراه هنا نتيجة الشكل الأول، أعني قول المؤلف: فكل مكلف به متصوَّر.
(٣) إشارة إلى أنه لا ينتقض بما علم الله أنه لا يقع؛ إذ لا يلزم من تصوره مثبتاً تصور الأمر على خلاف ماهيته. (سعد).
(٤) في المطبوع: وتوضيحه.
(٥) ذكر في المواقف نقلاً عن الشفاء أن المستحيل لا تحصل له صورة في العقل، فلا يمكن أن يتصور شيء هو اجتماع النقيضين، فتصوره إما على طريق التشبيه؛ بأن يعقل بين السواد والحلاوة أمر هو الاجتماع ثم يقال: مثل هذا الأمر لا يمكن حصوله بين السواد والبياض، وإما على سبيل النفي، بأن يعقل أنه لا يمكن أن يوجد مفهوم هو اجتماع السواد والبياض، وبالجملة لا يمكن تعقله بماهيته، بل باعتبار من الاعتبارات. (سعد). وهاهنا قد جمع بين الطريقين وخلط أحدهما بالآخر على ما هو ظاهر المتن. (سعد).، وكذا المؤلف # هنا. (مغربي).