هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: [المحكوم فيه]

صفحة 703 - الجزء 1

  بما لا قدرة عليه، وهو محال⁣(⁣١).

  بيان الملازمة من وجهين: أحدهما: أن القدرة صفة متعلقة بالمقدور كالضرب المتعلق بالمضروب، ووجود المتعلِّق بدون المتعلَّق محال.

  وثانيهما: أن قدرة العبد عرض، والعرض لا يبقى زمنين، فلو تقدمت عدمت عند حدوث المقدور فلا يكون متعلقاً بها. وأما بطلان اللازم⁣(⁣٢) فظاهر.

  وأجيب بمنع الملازمة، والوجهان المذكوران في بيانها ينتقض أولهما بقدرة الله تعالى عندكم فإنها ثابتة في الأزل بدون المقدور، وإلا لزم قدم العالم⁣(⁣٣). والصحيح أن معناها معنى التمكن⁣(⁣٤) من الفعل، وإنما يعقل قبله. وثانيهما ممنوع في جميع الأعراض، ولو سلم فلا نسلم زواله لا إلى بدل، بل يلحقه⁣(⁣٥) أمثاله.


(قوله): «أن القدرة صفة» لم يذكر الإسنوي قوله: صفة⁣[⁣١]، بل اقتصر على قوله: إن القدرة متعلقة ... إلخ.

(قوله): «عدمت عند حدوث المقدور» لأنها لما تقدمت والفرض أنها لا تبقى حدث المقدور عند عدمها.

(قوله): «متعلقاً بها» الأولى متعلقاً لها.

(قوله): «أن معناها» أي: القدرة.

(قوله): «وإنما يعقل» أي: التمكن «قبله» أي: قبل الفعل.

(قوله): «ممنوع في جميع الأعراض» فإن بعض الأعراض يبقى كالقدرة، قال في التذكرة لابن متويه: لأن أحدنا لا يخرج عن كونه قادراً إلا عند ضد أو ما يجري مجراه على وجه لولاه لاستمر كونه قادراً. وقد جمع بعض العلماء ما يبقى و [ما] لا يبقى في أبيات مشهورة⁣[⁣٢].


(١) هذا يوافق ما تقدم أن الأشعري لم ينص على جواز تكليف ما لا يطاق.

(٢) وهو قوله: لكان تكليفاً بما لا قدرة عليه.

(٣) إذ القدرة لا تفارق مقدورها عندكم، والعالم مقدور، فيلزم أن يكون قديماً.

(٤) وجد في نسخ من الكتاب لفظ (معنى التمكن) والأظهر عدمه، وعلى وجوده فمعناه أن معناها متحد بمعنى التمكن، فمعنى قدر على الفعل وتمكن منه واحد. (من خط سيدنا حسن المغربي).

(٥) وفي نسخة: بل تخلفه أمثاله.


[١] بل ذكرها، ولفظه كلفظ ابن الإمام سواء.

[٢] هي قوله:

ما ليس يبقى من الأعراض أربعة ... وستة وهي آلام إرادات

ظن وصوت فناء شهوة نظر ... ونفرة واعتقاد والكراهات

والباقيات حياة قدرة معها ... كون وتأليف جسم واعتمادات

لون وريح وطعم والرطوبة أو ... يبس كذاك برودات حرارات