هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه في وقته]

صفحة 726 - الجزء 1

  قيل: يلزم مما ذكرتم أن لا يصح مع جهل الآمر بعدم الشرط؛ إذ عدم القدرة بالنظر إلى المأمور حاصلة، ولا أثر فيه لعلم⁣(⁣١) الآمر وجهله.

  وأجيب: بأن المانع القبح (و) قد أشرنا إلى أن (لا قبح مع الجهل) من الآمر لوقوع الشرط⁣(⁣٢).

  (و) ثانياً: بأنه إما أن يراد من العبد فعل المأمور به أو توطين نفسه على الفعل، والكل قبيح (لأنه) إن كان الأول فهو (عبث) لا يصدر عن الحكيم (أو) الثاني فهو (تغرير) للمكلف؛ لإيهامه أن المكلف به فعل المأمور به، والمفروض أنه غيره، وهو توطين النفس. على أن القول بأن المراد توطين النفس للامتثال يرجع بقائله إلى الوفاق بأن لا تكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه في وقته؛ لأن المكلف به المراد حصوله التوطين⁣(⁣٣)، ولم ينتف شرطه، وهو ظاهر.

  احتج القائلون بالجواز بأن (قالوا) أولاً: لو لم يصح التكليف بالمتنازع (لم يعص أحد أبداً⁣(⁣٤)) وإنما لزم ذلك (لأنه كلما عدم) الفعل بأن تركه المكلف


(قوله): «أن لا يصح مع جهل الآمر» مع أنه يصح مع جهله كما عرفت.

(قوله): «وثانياً» عطف على قوله: أولاً، أي: احتج أصحابنا ثانياً.

(قوله): «والمفروض أنه» أي: المكلف به.

(قوله): «وهو» أي: الغير.

(قوله): «للامتثال» متعلق بالتوطين معمول له.

(قوله): «لأن المكلف به» المكلف به اسم أن، والمراد حصوله صفة له، أي: الذي أريد حصوله.

(قوله): «التوطين» خبر أن، أي: هو التوطين.

(قوله): «ولم ينتف شرطه» أي: شرط التوطين، وهو القدرة عليه؛ إذ قد وجد التوطين.


(١) يعني أن عدم القدرة على الفعل الذي عدم شرطه بالنسبة إلى المأمور حاصلة سواء كان الآمر عالماً بعدم شرطه كما في أمر الله تعالى أو جاهلاً كما في الشاهد، مثل أمر السيد غلامه، من غير تأثير لعلم الآمر وجهله في ذلك، فيلزم أن لا يصح التكليف بالفعل الذي جهل الآمر انتفاء شرط وقوعه، وقد صح اتفاقاً.

(٢) المناسب لانتفاء الشرط. اهـ وفي حاشية: صوابه: لانتفاء شرط الوقوع.

(٣) في نسخة: هو التوطين.

(٤) في حاشية ما لفظه: يعني بترك مأمور، وأما بفعل منهي فلا يلزم، وذلك ظاهر، والله أعلم.