هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في بيان المحكوم عليه وأحكامه

صفحة 728 - الجزء 1

  (و) ثانياً: بأنه لو لم يصح التكليف بالمتنازع فيه (لما علم⁣(⁣١) تكليف) أي: لما وقع لأحد من المكلفين العلم بأنه مكلف بما أمر به⁣(⁣٢)، أما الأولى فلأنه مع الفعل وبعد وقته سواء فعل أو لا ينقطع التكليف⁣(⁣٣)، وقبله لا يعلم؛ لجواز أن لا يوجد أحد شروطه. وأما الثانية⁣(⁣٤) فبالضرورة.

  (وجواب الأول) من الشبهتين (ظاهر) لأن المراد بالشرط ما خرج عن مقدور المكلف، وأما الداخل في مقدوره فيجب بوجوب المشروط به كما


(قوله): «لما علم تكليف» يعني لم يعلم أحد في شيء من الأزمنة أنه مكلف في ذلك الزمان. قال السعد: وحينئذ يندفع ما ذكره الشارح العلامة من منع الملازمة لجواز أن يعلم بعد الإتيان به أنه كان مكلفاً قبله.

(قوله): «أما الأولى» أي: بيان المقدمة الأولى، وهي الملازمة.

(قوله): «وبعد وقته» زيادة لفظ وقته يندفع به ما أورد على شرح المختصر حيث قال: لأنه مع الفعل أو بعده سواء فعل أو عصى ينقطع التكليف - من أن قوله: سواء فعل أو عصى لا يصح تعلقه بقوله: مع الفعل، وهو ظاهر، ولا بقوله: بعده؛ لأن الضمير للفعل، وبعد الفعل لا يتصور الإتيان بالفعل ولا العصيان، وعبارة المؤلف # سالمة عن هذا الإيراد. واعلم أن انقطاع التكليف مبني على كون القضاء بأمر جديد؛ لأن المراد انقطاعه بالأمر الأول، وقد عدل المؤلف # عن قوله في شرح المختصر: سواء فعل أو عصى إلى قوله: سواء فعل أو لا، ولعل وجهه إفادة التعميم.

(قوله): «وأما الثانية» أي: بطلان اللازم.

(قوله): «فبالضرورة» أي: معلومة بالضرورة من الدين.

(قوله): «لأن المراد بالشرط» أي: في قولهم: لا تكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه، وفي قولهم: فقد عدم شرط من شروطه.

(قوله): «ما خرج عن مقدور المكلف» كإرادة الله تعالى، وأما المقدور كالطهارة مثلاً وكإرادة العبد فيجب بوجوب المشروط به كما عرفت سابقاً في مقدمة الواجب، فتوجه حينئذ منع الملازمة، وهي قولهم: لو لم يصح لم يعص أحد؛ إذ يجوز أن ينتفي الشرط ويعصي حينئذ بترك ذلك الفعل =


(١) لأنه إذا أمر العبد بصوم هذا اليوم فإما أن يعلم بهذا الأمر بعد اليوم أو قبله أو معه، فإن علم به بعده ومعه لم يفد؛ لأنه ينقطع التكليف حينئذ على ما تقدم، وقبله لا يعلم؛ لأن صومه موقوف على بقائه، وهو غير معلوم له قبل اليوم، فيكون شاكاً في شرط التكليف الذي هو البقاء، فيلزم الشك في المشروط، فلا يعلم التكليف بالصوم أصلاً. (شرح سبكي للمختصر).

(٢) واللازم باطل. (عضد).

(٣) أما بعد الفعل فبالاتفاق، وأما مع الفعل فبتسليم الخصم كما تقدم. (رفو).

(*) ثم لا يخفى أن الانقطاع على تقدير العصيان مبني على أن القضاء بأمر جديد. (سعد).

(٤) هي المطوية، وهي بطلان اللازم.